كتاب الحسبة في الإسلام، أو وظيفة الحكومة الإسلامية

جميعها أخذ دراهم بدرهم أكثر منها إلى أجل. فالثنائية ما يكون بين اثنين: مثل أن يجمع إلى القرض بيعًا أو إجارة أو مساقاة أو مزارعة، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك". قال الترمذي: حديث صحيح1.
ومثل أن يبيعه سلعة إلى أجل ثم يعيدها إليه، ففي سنن أبي داود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا" 2.
والثلاثية: مثل أن يدخلا بينهما محللًا للربا يشتري السلعة منه آكل الربا ثم يبيعها المعطي للربا إلى أجل ثم يعيدها إلى صاحبها بنقص دراهم يستفيدها المحلل.
وهذه المعاملات منها ما هو حرام بإجماع المسلمين مثل التي يجري فيها شرط لذلك، أو التي يباع فيها المبيع قبل القبض الشرعي أو بغير الشروط الشرعية، أو يقلب فيها الدين على المعسر، فإن المعسر يجب إنظاره ولا يجوز الزيادة عليه بمعاملة ولا غيرها بإجماع المسلمين، ومنها ما قد تنازع فيه بعض العلماء، لكن الثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعين تحريم ذلك كله.
ومن المنكرات تلقي السلع قبل أن تجيء إلى السوق، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ذلك لما فيه من تغرير البائع3، فإنه لا يعرف السعر فيشتري منه المشتري بدون القيمة، ولذلك أثبت النبي -صلى الله عليه وسلم- له الخيار إذا هبط إلى السوق، وثبوت الخيار له مع الغبن لا ريب فيه، وأما ثبوته بلا غبن ففيه نزاع بين العلماء، وفيه عن أحمد روايتان،
__________
1 رواه الترمذي في سننه "5/ 243" عن "عبد الله بن عمرو"، ورواه النسائي في سننه "7/ 288"، "5/ 395"، وباللفظ رواه أبو داود في سننه "9/ 403".
2 رواه بهذا اللفظ أبو داود في سننه "9/ 332" عن أبي هريرة، ورواه الترمذي في سننه "5/ 238" وفيه: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيعتين في بيعة". وقال حديث حسن صحيح، وكذلك رواه النسائي في سننه "7/ 295".
3 النهي عن تلقي الركبان رواه البخاري "4/ 451" عن ابن عباس، وروى مسلم النهي عن تلقي السلع في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده "1/ 268" و"2/ 42".

الصفحة 20