كتاب الحسبة في الإسلام، أو وظيفة الحكومة الإسلامية

فصل: [العقوبات الشرعية]
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتم إلا بالعقوبات الشرعية، فإن الله ينزع بالسلطان ما لا يزع1 بالقرآن.
وإقامة الحدود واجبة على ولاة الأمور، وذلك يحصل بالعقوبة على ترك الواجبات وفعل المحرمات فمنها عقوبات مقدرة، مثل جلد المفتري ثمانين، وقطع يد السارق، ومنها عقوبات غير مقدرة قد تسمى التعزير2. وتختلف مقاديرها وصفاتها بحسب كبر الذنوب وصغرها، وبحسب حال المذنب، وبحسب حال الذنب في قلته وكثرته. و"التعزير" أجناس: فمنه ما يكون بالتوبيخ والزجر بالكلام، ومنه ما يكون بالحبس، ومنه ما يكون بالنفي عن الوطن. ومنه ما يكون بالضرب3، فإن كان ذلك لترك واجب مثل الضرب على ترك الصلاة أو ترك أداء الحقوق الواجبة، مثل ترك وفاء الدين مع القدرة عليه، أو على ترك رد المغصوب، أو أداء الأمانة إلى أهلها، فإنه يضرب مرة بعد مرة حتى يؤدي الواجب، ويفرق الضرب عليه يومًا بعد يوم.
__________
1 الوزع: كف النفس عن هواها "انظر لسان العرب: مادة وزع".
2 العزر: اللوم، والتعزيز: ضرب دون الحد، لمنعه الجاني من المعاودة وردعه عن المعصية "انظر لسان العرب: مادة عزر". وقال ابن قدامة في المغني: "10/ 347": التعزيز هو عقوبة على جناية لا حد فيها.
3 انظر المغني لابن قدامة "10/ 347".

الصفحة 45