كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 23)

-صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى مَا فِى نَفْسِهِ، فَبَعَثَ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِى نَزَلَ عَلَيْهِ يَنْظُرُ ضَيْفَهُ، فَيَشُدُّهُ وَثَاقًا ثُمَّ ابْعَثْ بِه إلىَّ، قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يُنَادِى حِينَ خَرَجُوا بِهِ، هَكَذَا تَفْعَلُونَ بمنْ تَبعَكُمْ! ، هَكَذَا تَفْعَلُونَ بِمَن اخْتَارَ دِينَكُمْ! ، فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- اصْدُقْنِى، حَتَّى ظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ لَوْ صَدَقَهُ خَلَّى عَنْهُ، فَقَالَ: مَا جِئْت إلا لأسلم، فَقَالَ: كَذبْتَ، ثُمَّ قَصَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قِصَّتَهُ فِى قِصَّةِ القَوم فَقَالَ: مَا كَانَ ذلِكَ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فصلب عَلَى ذباب (*)، فإنه لأول مصلوب".
ابن جرير (¬1).
702/ 93 - "عَنِ الحَسَنِ قَالَ دَخَلَ الزُّبيْرُ عَلَى النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَهُوَ شَاكٍ، فَقَالَ: كَيْفَ نَجِدُكَ جَعَلَنى اللَّهُ -تَعَالَى- فِدَاكَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: اعرا نبيك بعد يا زُبَيْرُ، قَالَ الحَسَنُ لَا يَنْبَغِى أَنْ يَفْدِى أَحَدٌ أحَدًا".
ابن جرير قال وهذا مرسل واه لا يثبت بمثله حجة في الدين وذلك أَنَّ مراسِيلَ الحَسَنِ أكثرها صحف غير سماع وأنه إذا وصل الأخبار، فأكثر رواته عن مجاهيل لا يعرفون.
¬__________
(*) ذباب: جبل بالمدينة. نهاية 2/ 152، كنز العمال جـ 12، ص 395.
(¬1) الحديث في الأوائل لأبى هلال العسكرى ص 295، 296 بلفظ أخبرنا أبو أحمد عن الجوهرى عن أَبى زيد عن وهب ابن جرير عن أبيه قال سمعت الحسن يقول: جلس نفر من قريش فتذاكروا من أصيب منهم ببدر وقالوا: لو وجدنا رجلًا يقتل لنا محمدًا نجعل له ما يريد فقال رجل: أنا جرئ الصدر جيد الحديد جواد الشد أقتله ثم أهرب في أحد القيران أعدو كما يعدو العبر فأفلت -والعير الحمار الذكر فجعل له أربعة رَهط كل رجل منهم أوقية فخرج حتى أتى المدينة فنزل على ابن عم له وقال جئت مسلمًا فأطَلَعَ اللَّه نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- على شأنه فبعث إلى الرجل أن شد ضيفك وثاقًا وائتنى به فجعل يقول أهكذا تفعلون بمن تبع دينكم؟ حتى أتى به النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال له: جئت مسلمًا فقال: كذبت وقص عليه قصته فأنكر فأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فصلب على جبل بالمدينة يقال له ذباب وكان أول مصلوب بالمدينة بعد الهجرة.
جيد الحديد: أى أنه يحسن الحيلة ولا ينكشف أمره (الشد: العدو والركض) القيران: جمع قارة وهو الجبل الصغير المنقطع من الجبال والمراد أنه بعد تنفيذ جريمته يهرب في أحد الجبال معتمدًا على جرأته وسرعته.

الصفحة 675