كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 23)

هَدْيَنا، ويَجْعَلُونَ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ مُدَّةً تُزِيلُ فِيهَا نِسَاؤهُمْ، وَيَأَمَنُ فِيهَا سِرْبُهُمْ، وَيخَلُّونَ بَيْنِى وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنِّى وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ عَلَى هَذَا الأمْرِ الأَحْمَرَ وَالأَسْوَدَ حَتَّى يظهرنى اللَّهُ -تَعَالَى- أَوْ تَنْفَرِدَ سَالِفَنِى، فَإِنْ أَصَابَنِى النَّاسُ فَذَاكَ الَّذِى يُرِيدُونَ، وَإِنْ أَظْهَرَنِى اللَّهُ -تَعَالَى- عَلَيْهِمْ، اخْتَارُوا: إِمَّا قَاتَلُوا معدين، وَإمَّا دَخَلُوا فِى السِّلم وافرينَ، قَالَ: فَرَجَع عُرْوَةُ إِلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ: تَعْلَمُنَّ وَاللَّهِ مَا عَلَى الأَرْضِ قَوْمٌ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْكُمْ، إِنَّكُمْ لإِخْوَانِى وأَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ، وَلَقَدِ اسْتَنْصَرْتُ لَكُمُ النَّاسَ فِى المَجَامِع فَلَمَّا لَمْ يَنْصُرُوكمْ، أَتَيْتُكُمْ بِأَهْلِى حَتَّى نَزَلْتُ مَعَكُمْ إِرَادَةَ أَنْ أُوَاسِيكُمْ، وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ الحَيَاةَ بَعْدَكمْ تعلمن أن الرجل قد عرض نصفًا فأقبلوه تَعْلَمُنَّ أَنِّى قَدِمْتُ عَلَى المُلُوكِ، وَرَأَيْتُ العُظَمَاءَ، وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ -تَعَالَى- مَا رَأَيْتُ مَلِكًا وَلَا عَظِيمًا أَعْظَمَ فِى أَصْحَابِهِ مِنْهُ، لَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَهُ رَجُلٌ حَتَّى يَسْتَأذِنَهُ، قَالَ: فَإِنْ هو أَذِنَ تَكَلَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَأذَنْ لَهُ سَكَتَ، ثُمَّ إِنَّهُ لَيَتَوَضُّأُ فَيَبْتَدِرُونَ وضُوءَهُ ويَصُبُّونه عَلَى رؤُوسِهِمْ يَتَخِذُونَهُ حَنَانًا فَلَمَّا سَمِعُوا مَقَالَتَهُ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، ومكرز بْنَ حَفْصٍ، فَقَالُوا: انْطَلِقُوا إِلَى مُحَمَّدٍ فَإِنْ أَعْطَاكُمْ مَا ذَكَرَ عُرْوَةُ [فَقَاضِياهُ] عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَامَهُ هَذَا عَنَّا وَلَا يَخْلُصَ إِلى البَيْتِ حَتَّى يَسْمعَ مَن يسْمَعُ بِمَسِيرِهِ منَ العَرَبِ أَنَّا قَدْ صَدَدْنَاهُ، فَخَرَجَ سُهَيْل [وَ] مكرزٌ حَتَّى أَتَيَاهُ وَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ، فَأَعْطَاهُمَا الَّذِى سَأَلَا، فقَالَ: اكْتُبُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالُوا: واللَّه لا نَكْتُبُ هَذَا أَبَدًا قَالَ: فَكَيْفَ؟ [قَالُوا] نَكْتُبُ بِاسْمِكَ اللهُمَّ، قَالَ: وَهَذِهِ فَاكْتُبُوهَا (فَكَتَبُوهَا)، قَالَ: اكْتُبْ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ

الصفحة 805