كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 23)

عِنْدِهِ، قَالُوا: فَاذْهَبْ، فَخَرَجَ عُرْوَةُ حَتَّى نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ قَوْمُكَ كَعْبُ بْنُ لُؤَىٍّ، وَعَامِرُ بْنُ لُؤَىٍّ قَدْ خَرَجُوا بِالعُوذِ الْمطَافِيلِ [يُقْسِمُون] لا يُخَلُّونَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ حَتَّى [تبِيدَ] خَضَرَاؤهُمْ، وإنَّما أَنْتَ بين قِتَالِهِمْ من أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَجْتَاحَ قَوْمَكَ فَلَمْ نَسْمَعْ بِرَجُلٍ قَطُّ اجْتَاحَ أَصْلَهُ قَبْلَكَ، وَبَيْنَ أَنْ يُسْلِمَكَ مَنْ [أَرَى] مَعَكَ، فَإِنِّى لَا أَرَى مَعَكَ إِلَّا أَوْبَاشًا مِنَ النَّاسِ لَا أَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ، وَلَا وُجُوهَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَغَضِبَ: امْصُصْ بَظْرَ (*) الَّلاتِ، أَنَحْنُ نَخْذُلُهُ أَوْ نُسْلِمُهُ؟ فَقَالَ عُرْوَةُ: أَمَا وَاللَّهِ أَنْ لَوْلَا يَدٌ لَكَ عِنْدِى لَمْ أَجْزِكَ [بِهَا] [لأَجَبْتُكَ] فِيمَا قُلْتَ، فَكَانَ عُرْوَةُ قَدْ حُمِّلَ بِدِيَةٍ فَأَعَانَهُ أَبُو بَكْرٍ فِيهَا بِعَوْنٍ حَسَنٍ، وَالمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وعلى وجهه المِغْفَر، فلم يعرفه عروة وكان عروة يكلم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كُلَّمَا مَدَّ يَدَهُ مَسَّ لِحْيَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-[يَدُعُّهَا] المُغِيرَةُ بِقَدَحٍ [كَانَ] فِى يَدِهِ حَتَّى إِذَا أَخْرَجَهُ قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، قَالَ عُرْوَةُ: أَنْتَ بِذَاكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ وَهَلْ [غَسَلتُ] عَنْكَ [غَدْرَتَكَ] إِلَّا أَمْسِ بِعُكَاظ، فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِعُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ مِثَلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ، فَقَامَ عُرْوَةُ فَخَرَجَ حَتَّى جَاءَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! إِنِّى قَدْ وَفَدْتُ عَلَى المُلُوكِ عَلَى قَيْصَرَ فِى مُلِكْهِ بِالشَّامِ، وَعَلَى النَّجَاشِىِّ بِأَرْضِ الحَبَشَةِ، وَعَلَى كِسْرَى بِالعِرَاقِ وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مَلِكًا هُوَ أَعْظَمُ مِمَّنْ هُوَ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ فِى أَصْحَابِهِ، وَاللَّهِ مَا [يَشُدُّونَ] إِلَيْهِ النَّظَرَ، وَلَا يَرْفَعُونَ عِندَهُ الصَّوْتَ، وَمَا يَتَوَضَّأُ بِوَضُوءٍ إِلَّا ازْدَحَمُوا عَلَيْه أَيُّهُمْ يَظْفَرُ مِنْهُ بِشَىْءٍ، فَاقْبَلُوا الَّذِى جَاءَكُمْ بِهِ بُدَيْلٌ، فَإِنَّهَا خُطَّةُ (* *) رُشْدٍ قالوا: [اجْلسْ، وَدَعَوْا رَجُلًا
¬__________
(*) بَظْرَ اللات: الهنة التى تقطعها الخافضة من فرج المرأة عند الختان النهاية جـ 1 ص 138.
(* *) خطة رشد: أى أمرًا واضحا في الهدى والإستقامة النهاية جـ 2 ص 48.

الصفحة 809