كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 23)

الأَنْصَارِ، وَهُمْ بَنُو عَفْرَاءَ: مُعَاذٌ وَمُعَوَّذٌ وَعَوْفٌ بَنُو الحَارِثِ، فَاسْتَحْيَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ ذَلِكَ، وَكَرِهَ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ قِتَالٍ لَقِى المُسْلِمُونَ فِيهِ المُشْرِكِينَ فِى الأَنْصَارِ، فَأَحَبَّ أَنْ تَكُونَ الشَّوْكَةُ لِبَنِى عَمِّهِ وَقَوْمِهِ، فَأَمَرَهُمْ فَرَجَعُوا إِلَى مَصَافِّهِمْ، وَقَالَ لَهُمْ خَيْرًا، ثُمَّ نَادَى [مُنَادِى] المشُرِكِينَ يَا مُحَمَّدُ أَخْرِجْ إِلَيْنَا الأَكْفَاءَ مِنْ قَوْمِنا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: يَا بَنِى هَاشِمٍ! قُومُوا فَقَاتِلُوا لِحَقِّكُّمُ الَّذِى بَعَثَ اللَّهُ -تَعَالَى-[بِهِ نَبِيَّكُمْ] بينكم إِذْ جَاءُوا بِبَاطِلِهِمْ لِيُطفِئُوا نُورَ اللَّهِ، فَقَامَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَعَلَىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ الحَارِثِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ عبد مَنَافٍ فَمَشَوْا إِلَيْهِمْ، فَقَالَ عُتْبَةُ: تَكَلَّمُوا لِنَعْرِفَكُمْ، وَكَانَ عَلَيْهمُ البَيْضُ فَأَنْكَرُوهُمْ، فَإِنْ كُنْتُمْ أَكْفَاء قَاتَلنَاكُمْ، فَقَالَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ (*)، أَنَا حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ أَنَا أَسَدُ اللَّهِ -تَعَالَى- وَأَسَدُ رَسُولِهِ، قَالَ عتبَةُ: كُفُوءٌ كَرِيمٌ، ثُمَّ قَالَ عتبَةُ: وَأَنَا أَسَدُ الحُلَفَاءِ، مَنْ هَذَانِ مَعَكَ؟ قَالَ: عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِب وَعُبَيْدَةُ بْنُ الحَارِثِ، قَالَ: كُفُؤَانِ كَرِيمَانِ، ثُمَّ قَالَ عُتْبَةُ [لاِبْنِهِ]: قُمْ يَا وَلِيدُ، فَقَامَ الوَلِيدُ، وَقَامَ إِلَيْهِ عَلِىٌّ -وَكَانَ أَصْغَرَ النَّفَرِ، فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَقَتَلَهُ عَلِىٌّ، ثُمَّ قَامَ عتبَةُ، وَقَامَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ، فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَقَتَلَهُ حَمْزَةُ، ثُمَّ قَامَ شَيْبَةُ وَقَامَ إِلَيْهِ عُبَيْدَةُ بْنُ الحَارِثِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَسَنُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَضَرَبَ شَيْبَةُ رِجْلَ عُبَيْدَةَ بِذُبَابِ السَّيْفِ فَأَصَابَ عَضَلَةَ سَاقِهِ فَقَطَعَهَا، وَكَرَّ حَمْزَةُ وَعَلِىٌّ [عَلَى] شَيْبَةَ فَقَتَلَاهُ وَاحْتَمَلَا عُبَيْدَةَ، فَجَاءُوا إِلَى الصَّفِّ وَمُخُّ سَاقِهِ يَسِيلُ، فَقَالَ عُبَيْدَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَسْتُ شَهِيدًا؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ أَبُو طَالِبٍ حَيًّا لَعَلِمَ أَنَّا أَحَقُّ بِمَا قَالَ مِنْهُ حِينَ يَقُولُ:
¬__________
(*) أورده كنز العمال للمتقى الهندى جـ 10 ص 412، 413، 414.

الصفحة 814