كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 23)

فَاجْلِسُوا عِنْدَهُ، وَاحْذَرُوا هَذَا الخَبِيثَ عَلَيْهِ؟ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَأمُون، ثُمَّ دَخَلَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَلَمَّا رآهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَعُمَرُ آخِذٌ بِحِمَالةِ سَيْفِهِ فِى عَنُقِهِ قَالَ: أَرْسِلهُ يا عمر! ادن يا عمير! فَدَنَا ثُمَّ قَالَ: أَنْعِمُوا صَبَاحًا، وَكَانَتْ تَحِيَةَ أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: قَدْ أَكْرَمَنَا اللَّهُ -تَعَالَى- بِتَحِيَّةٍ خَيْر مِنْ تَحِيَّتِكَ يَا عُمَيْرُ بِالسَّلَامِ: تَحِيَّةِ أَهْلِ الجَنَّةِ، قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ يَا مُحَمَّدُ لَحَدِيثُ عَهْدٍ بِهَا، قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَيْرُ؟ قَالَ: جِئْتُ لِهَذَا الأَسِيرِ الَّذِى فِى أَيْدِيكُمْ فَأَحْسِنُوا فِيهِ، قَالَ: فَمَا بَالُ السَّيْفِ فِى عُنُقِكَ؟ قَالَ: قبَّحَهَا اللَّهُ -تَعَالَى- مِنْ سُيُوفٍ! ! وَهَلْ أَغْنَتْ شَيْئًا؟ ! قَالَ: اصْدُقْنِى مَا الَّذِى جِئْتَ لَهُ؟ قَالَ: مَا جِئْتُ إِلَّا لِذَلِكَ، فَقَالَ: بَلى قَعَدْتَ أَنْتَ وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ فِى الحِجْرِ فَذَكَرْتُمَا أَصْحَابَ القَلِيبِ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ قُلْتَ: لَوْلَا دَيْنٌ عَلَىَّ وَعِيَالِى لخَرَجْتُ حَتَّى أَقْتُلَ مُحَمَّدًا فَتَحَمَّلَ لَكَ صَفْوَانُ بِدَيْنِكَ وَعِيَالِكَ عَلَى أَنْ تَقْتُلَنِى لَهُ، وَاللَّهُ حَائِل بَيْنِى وَبَيْنَكَ، فَقَالَ عُمَيْرٌ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، قَد كُنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُكَذِّبكَ بِمَا كُنْتَ تَأتِينَا مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَمَا يَنْزِلُ عَلَيْكَ مِنَ الوَحْى، وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يَحْضُرْهُ إِلَّا أَنَا وَصَفْوَانُ، فَوَاللَّهِ إِنِّى لأَعْلَمُ [أَنَّ] مَا أَتَاكَ بِهِ إِلَّا اللَّهُ، فَالحَمْدُ للَّهِ الَّذِى هَدَانِى لِلإِسْلَامِ، وَسَاقَنِى هَذَا المَسَاقَ [ثُمَّ] تَشَهَّدَ شَهَادَةَ الحَقِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقِّهُوا أَخَاكُمْ فِى دِينِهِ، وأقرؤه وَعَلِّمُوهُ الْقُرْآنَ وَأَطلِقُوا لَهُ أَسِيرَهُ، فَفَعَلُوا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّى كُنْتُ جَاهِدًا فِى إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ -تَعَالَى- شَدِيد الأَذى لِمَنْ كَانَ عَلَى دِينِ اللَّهِ، وَإِنِّى أُحِبُّ أَنْ تَأذَنَ لِى فَأَقْدُمَ مَكَّةَ فَأَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الإِسْلَامِ، لَعَلَّ اللَّهَ -تَعَالَى- أَنْ يَهْدِيَهمْ، [وَإِلَّا آذَيْتُهُمْ] فِى دِينِهِمْ كَمَا كُنْتُ أُؤْذِى أَصْحَابَكَ فِى دِينِهِمْ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَلَحِقَ بِمَكَّةَ وَكَانَ صَفْوَانُ حِينَ

الصفحة 817