كتاب أصول التصحيح العلمي - المبيضة - ضمن «آثار المعلمي»

أصلحوه في ألواح الحروف، ثم طبعوا عليها تجارب ثالثة وأرسلوها إلى المصحح.
والعادة في مطبعتنا (¬١) أن يُعيد المصححون مقابلة هذه الثالثة على المسودة، فإن بقي ما يحتاج إلى الإصلاح أصلحوه، ثم ردوا التجارب الثالثة إلى المُركِّبين. فإن وجدوا فيها إصلاحًا أصلَحُوه في ألواح الحروف، ثم طبعوا على الألواح تجربة رابعة، ثم بعثوا بها مع التجارب الثالثة إلى المصحح، فينظُر في التجارب الثالثة يتتبع المواضع التي أُصلِحَت فيها وينظرها في الرابعة؛ فإن رأى تلك المواضع قد أصلحت كلها كتب على تلك الكراسة أنه قد تم تصحيحها، فترسل إلى المدير فيحكم بالطبع الأخير.
وأنت إذا تدبرت ما تقدم في حال النُسخ الخطية علمت أن ناسخ المسودة من أحد الأصول لابد أن يخطئ في مواضع كثيرة، ولاسيَّما إذا كان قليل العلم أو كان الأصل المنقول عنه رديء الخط. وتعلم أيضًا أن مقابلة هذه المسودة على أصلها تختلف باختلاف حال المقابلين في العلم والمعرفة والأمانة والتثبت، وأن المقابلة على أصل آخر كذلك، ولا تدري ماذا عسى أن يصنع باختلاف النسخ. ثم يتجه النظر إلى المصحح، فترحمه لما يكون قد اجتمع من أغلاط النُسخ وأغلاط ناسخ المسودة التي لعلها بقيت بعد المقابلة. ثم تشفق على الكتاب أن يكون [ص ١٦] المصحح ناقص المعرفة، ولاسيما إذا كان مع ذلك عريض الدعوى، أو ضعيف الأمانة، أو لم يدفع له المعاوضة الكافية، أو لم يفسح له الوقت الكافي. ثم تلتفت إلى ما عسى أن يصنعه المُركِّبون وكيف تكون مقابلة التجارب على المسودة.
---------------
(¬١) يعني: مطبعة دائرة المعارف العثمانية.

الصفحة 18