كتاب أصول التصحيح العلمي - المبيضة - ضمن «آثار المعلمي»
أو بعض الأصول، واقتصروا على إثبات ما رأوه الصواب. وفي هذا خلل من جهات:
الأولى: أننا نقطع أن مُصححي تلك الكتب لم يكن عندهم دليل على صحة جميع ما أثبتوه في المطبوع، بل لابد أن يكونوا أثبتوا كثيرًا لأنه كذلك في الأصل أو الأصلين فأكثر، ولم يقم عندهم دليل على خطائه. فعلى هذا لا يتميز للناظر في المطبوع ما كان ثابتًا في الأصول مما كان الثابت فيها خلافه ولكن المصحح قضى عليه بأنه خطأ. وإذا لم يتميز ذا من ذاك ضعفت الثقة بالمطبوع، فإنها إذا اختلفت الكتب القلمية في كلمة مثلًا ولم نظفر بدليل كان الراجح ما في الأكثر. والنسخة القلمية أرجح عند العالم من مطبوع هذا الطبع [ص ٣٥] لأن من شأن النُسَّاخ اتباع الأصول، ومن شأن المصححين التصرف، وإذا لم يشتهر المصحح بسعة العلم والضبط والتثبت لم يوثق برأيه. ويزيد الاعتماد على ما طُبِعَ هذا الطبعَ ضعفًا أن العالم يجد فيه غير قليل من الأغلاط، وبعضها مما يبعد توارد النسخ عليه، بل لقد يظهر في بعضها أنه لم يكن في أصل قلمي قديم؛ وهذا يدل على أن المصحح ليس بالصفة التي تُسوِّغ أن يعتمد عليه.
الجهة الثانية: أنه يمتنع عادة أن لا تختلف النسخ، وإذا اختلفت فيمتنع عادة أن يتبين الصواب للمصحح في جميع المواضع بيانًا واضحًا يسوغ له أن يهمل معه التنبيه على الخلاف، بل لابد أن يتردد في مواضع، ويترجح لديه أحد الوجهين أو الأوجه في بعض المواضع رجحانًا ضعيفًا، وفي هذين يجب التنبيه على الخلاف. فإذا لم يوجد بهامش المطبوع عن أصلين فأكثر شيء من التنبيه على اختلاف النسخ أو وجد قليلًا جدًّا ظهر أن مصححيه
الصفحة 37
236