كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 23)

٨٥٦٠٢ - عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة-: أنّ لَبِيد بن الأعصم اليهودي سَحر النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وجعل تمثالًا فيه إحدى عشرة عُقدة، فأصابه مِن ذلك وجع شديد، فأتاه جبريل وميكائيل يعودانه، فقال ميكائيل: يا جبريل، إنّ صاحبك شاكٍ. قال: أجل، أصابه لَبِيد بن الأعصم اليهودي، وهو في بئر ميمونة، في كَرَبة (¬١) تحت صخرة في الماء. قال: فما دواء ذلك؟ قال: تُنزح البئر، ثم تُقلب الصخرة، فتوجد الكَرَبة فيها تمثالٌ فيه إحدى عشرة عُقدة، فتُحرق، فإنّه يبرأ بإذن الله. فأرسل إلى رهطٍ منهم عمّار بن ياسر، فنزح الماء، فوجدوه قد صار كأنه ماء الحناء، ثم قُلبت الصخرة، فإذا كَربة فيها صخرة فيها تمثالٌ فيه إحدى عشرة عُقدة، فأنزل الله: {قُلْ} يا محمد: {أعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ} الصبح. فانحلّتْ عُقدة، {مِن شَرِّ ما خَلَقَ} من الجنّ والإنس. فانحلّتْ عُقدة، {ومِن شَرِّ غاسِقٍ إذا وقَبَ} الليل وما يجيء به النهار، {ومِن شَرِّ النَّفّاثاتِ فِي العُقَدِ} السحّارات المؤذيات. فانحلّتْ عُقدة، {ومِن شَرِّ حاسِدٍ إذا حَسَدَ} (¬٢). (١٥/ ٧٩٤)

٨٥٦٠٣ - قال ابن عباس، وعائشة -دخل حديث بعضهما في بعض-: كان غلام من اليهود يخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدبَّت إليه اليهود، فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - وعدة أسنان مِن مشطه، فأعطاها اليهود، فسحروه فيها، وكان الذي تولى ذلك رجل منهم يقال له: لبيد بن أعصم، ثم دسها في بئر بني زريق، يقال لها: ذَروان، فمرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وانتثر شعر رأسه، ولبث ستة أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، وجعل يذوب ولا يدري ما عراه، فبينما هو نائم إذ أتاه ملكان، فقعد أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه: ما بال الرجل؟ قال: طُبَّ. قال: وما طُبَّ؟ قال: سُحِر. قال: ومن سَحَره؟ قال: لبيد بن أعصم اليهودي. قال: وبم طَبَّه؟ قال: بمشط ومشاطة. قال: وأين هو؟ قال: في جُفِّ طلعةٍ تحت راعوفة في بئر ذروان -والجف: قشر الطلع، والراعوفة: حجر في أسفل البئر كان يقوم عليه المائح-. فانتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مذعورًا، وقال: «يا عائشة، أما شعرت أن الله تعالى أخبرني بدائي». ثم بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليًّا والزبير وعمار بن ياسر، فنَزحوا ماء البئر كأنه نُقاعة الحِنّاء (¬٣)،
---------------
(¬١) كربة: أصل السعف. وقيل: ما يبقى من أصوله في النخلة بعد القطع. اللسان (كرب).
(¬٢) عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
(¬٣) نُقاعة الحِنّاء: قال الداودي: المراد: الماء الذي يكون من غُسالة الإناء الذي تُعجن فيه الحِنّاء. فتح الباري لابن حجر ١٠/ ٢٣٠.

الصفحة 694