كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 23)

ذكر ولاية المأمون يحيى بن اسماعيل
ولى طليطلة بعد أبيه، ولما ولى أراد أن يستعين بالفرنج على ما/ حوله من المدائن والحصون لينتزعها ممن هى بيده. فكتب إلى ملك من ملوك الفرنج- كان قريبا منه وبينهما مودة ومراسلة- يقال له شنشكند «1» وقال له «اخرج إلىّ فى مائة من فرسانك وإننى فى مكان كذا لأجتمع بك فى أمر لك فيه راحة» فخرج إليه شنشكند فى ستة آلاف فارس، وخرج ابن ذى النون فى مائتى فارس من عسكر طليطلة.
وكمّن الفرنجىّ أصحابه خلف جبل بالقرب من الموضع وقال لهم: إذا رأيتمونا قد اجتمعنا فاخرجوا إلينا بأجمكم! فلما فعلوا ذلك ورآهم المأمون سقط فى يده، وحيل بينه وبين عقله فقال له شنشكند: يا يحيى وحقّ الإنجيل ما كنت أظنّك إلّا عاقلا وإذا بك أحمق خلق الله، خرجت إلىّ فى هذا العدد القليل وسلّمت إلىّ مهجتك بغير عهد كان بينى وبينك قبل خروجك ولا دين بجمعنا وقد أمكننى الله منك، وحقّ الإنجيل لا نجوت منى حتى تعطينى الحصن الفلانى والحصن الفلانى- وسمّى حصونا من حصون المسلمين بين طليطلة وبينه- وتجعل لى عليك مالا فى كل سنة!.
فأجابه يحيى إلى ما طلب، وسلّمّ إليه الحصون، ورجع إلى طليطلة شر رجوع. وتواتر الخذلان عليه إلى أن مات فى سنة ستين

الصفحة 441