كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 23)

إلى الأذفوشن وأعلموه بقتل أصحابه وكان متوجها إلى قرطبة يريد حصارها- فلما جاءه الخبر رجع إلى طليطلة ليستعد ويهيّىء آلات الحصار.
فلما سمع المعتمد برحيله إلى طليطلة سار هو إلى إشبيلية فبلّغ مشايخ قرطبة ما جرى، فاجتمعوا بالفقهاء وقالوا: هذه مدائن الأندلس قد غلب عليها الفرنج ولم يبق منها إلا القليل، وإن استمرّت الأحوال على ما نرى عادت نصرانية كما كانت! ثم ساروا إلى القاضى عبد الله بن محمد بن أدهم فقالوا له: ألا تنظر إلى ما فيه المسلمون من الصّغار والذلة وإعطائهم الجزية إلى الفرنج بعد أن كانوا يأخذونها منهم، وابن عبّاد هو الذى حمل الفرنج على المسلمين حتى جرى ما جرى وطلب منه ما طلب، وقد دبّرنا رأيا نعرضه عليك! قال: وما هو؟ قالوا: نكتب إلى عرب أفريقية ونعلمهم أنهم إن وصلوا إلينا قاسمناهم فى أموالنا وخرجنا معهم مجاهدين فى سبيل الله تعالى! قال: أخاف أن يخربوا الأندلس كما فعلوا بأفريقية ويتركوا الفرنج ويبدأوا بكم والمرابطون أقرب إلينا وأصلح حالا. قالوا: فكاتب يوسف بن ناشفين ورغّب إليه أن يدخل إلينا بنفسه أو يرسل إلينا قائدا من قوّاده. قال: أمّا الآن فقد أشرتم برأى فيه السّداد! وقدم المعتمد إلى قرطبة فى أثر ذلك، فدخل عليه القاضى وأعلمه بما دار بينه وبين أهل قرطبة وما اتفقوا عليه، فقال المعتمد:
نعم ما أشاروا به وأنت رسولى/ إليه! فامتنع القاضى واستعفاء

الصفحة 454