كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 23)

وحاصل الخلاف: هل هو صريح أو كناية، ومذهب الأربعة والجمهور، -كما قاله النووي- أن من خير زوجته فاختارته لم يكن ذلك طلاقًا، ولا تقع به فرقة، وروي عن علي وزيد بن ثابت والحسن والليث: أن نفس التخيير يقع به طلقة بائنة، سواء اختارت زوجها أم لا، وحكاه الخطابي وغيره من مذهب مالك، قال القاضي: لا يصح عنه (¬1). وقال ربيعة: يقع رجعيًّا وإن اختارت زوجها. وحكى الرازي الحنفي خلافًا عن السلف فيمن خير امرأته، فقال علي: إذا اختارت زوجها فواحدة رجعية، أو نفسها فبائنة. وعنه: لا شيء في الأول، وقال عمر (بن) (¬2) عبد الله: لا شيء في الثاني، وقال زيد بن ثابت: في (أمرك بيدك) وإن اختارت نفسها رجعية.
وقال أبو حنيفة وصاحباه وزفر في الخيار: إن اختارت زوجها فلا شيء، أو نفسها فبائن إذا أراد الزوج الطلاق، ولا يكون ثلاثًا وإن نوى، وقال ابن أبي ليلى والأوزاعي والثوري: إن اختارت زوجها فلا شيء أو نفسها فواحدة، وقال مالك في الخيار: إنه ثلاث إذا اختارت نفسها، وإن طلقت نفسها واحدة لم يقع شيء (¬3)، وحكى سحنون عن أكثر أصحابهم أنها طلقة بائنة، وقيل: رجعية (¬4).
قال ابن المنذر: قول عائشة- رضي الله عنها- (خيرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يعد ذلك علينا شيئًا) دال على اختيارها زوجها لم يكن طلاقًا،
¬__________
(¬1) "شرح مسلم" للنووي 10/ 79 - 80، وانظر: "إكمال المعلم" 5/ 32 - 33.
(¬2) كذا بالأصل وعليها علامة استشكال والصواب (و) كما في "أحكام القرآن" للجصاص.
(¬3) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص 5/ 227.
(¬4) انظر: "النوادر والزيادات" 5/ 224.

الصفحة 119