كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 23)
يُوسُفَ حِينَ قَالَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] وَأُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ سَاعَتِهِ فَسَكَتْنَا، فَرُفِعَ عَنْهُ, وَإِنِّي لأَتَبَيَّنُ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ, وَهْوَ يَمْسَحُ جَبِينَهُ وَيَقُولُ: «أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ، فَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ بَرَاءَتَكِ». قَالَتْ: وَكُنْتُ أَشَدَّ مَا كُنْتُ غَضَبًا فَقَالَ لِي أَبَوَايَ: قُومِي إِلَيْهِ. فَقُلْتُ: وَاللهِ لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلاَ أَحْمَدُهُ وَلاَ أَحْمَدُكُمَا، وَلَكِنْ أَحْمَدُ اللهَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي، لَقَدْ سَمِعْتُمُوهُ، فَمَا أَنْكَرْتُمُوهُ وَلاَ غَيَّرْتُمُوهُ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: أَمَّا زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ فَعَصَمَهَا اللهُ بِدِينِهَا، فَلَمْ تَقُلْ إِلاَّ خَيْرًا، وَأَمَّا أُخْتُهَا حَمْنَةُ فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيهِ مِسْطَحٌ وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَالْمُنَافِقُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ، وَهْوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَوْشِيهِ وَيَجْمَعُهُ، وَهْوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ هُوَ وَحَمْنَةُ. قَالَتْ: فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لاَ يَنْفَعَ مِسْطَحًا بِنَافِعَةٍ أَبَدًا، فَأَنْزَلَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- {وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} [النور: 22] إِلَى آخِرِ الآيَةِ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ {وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِى الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ} [النور: 22]-يَعْنِي مِسْطَحًا- إِلَى قَوْلِهِ {أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22] حَتَّى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى, وَاللهِ يَا رَبَّنَا إِنَّا لَنُحِبُّ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا، وَعَادَ لَهُ بِمَا كَانَ يَصْنَعُ. [انظر: 2593 - مسلم: 2770 - فتح: 8/ 487]
وقال أبو أسامة: عن هشام بن عروة: أخبرني أبي عن عائشة رضي الله عنها، قالت: لما ذكر من شأني الذي ذكر .. بطوله. أسنده مسلم (¬1) عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب، عن أبي أسامة به (¬2).
خاتمة:
قال هشام بن عمار: سمعت مالكًا يقول: من سب أبا بكر وعمر أُدِّب، ومن سب عائشة قتل؛ لأن الله تعالى يقول: {يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ
¬__________
(¬1) في هامش الأصل: والترمذي في التفسير عن محمود بن غيلان، عن أبي أسامة به، وقال: حسن صحيح غريب من حديث هشام.
قلت (المحقق): انظر الترمذي (3180).
(¬2) مسلم (2770/ 58) كتاب: التوبة، باب: في حديث الإفك وقبول توبة القاذف.
الصفحة 55