كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 23)

قال القاضي أبو الوليد: هذا يعني أن اليسرين عنده الظفر بالمراد والأجر، فالعسر لا يغلب هذين اليسرين، لأنه لابد أن يحصل للمؤمن أحدهما وهذا عندي وجه ظاهر (¬1)، وقيل: لما عرف العسر اقتضى استغراق الجنس، فكان الأول هو الثاني، ولما كان اليسر منكرًا كان الأول منه غير الثاني.
وقد روي مرفوعًا "لن يغلب عسر يسرين" (¬2) والمعنى على هذا كله أن مع العسر يسرين، وقد روي في "الموطأ": أن عمر كتب إلى أبي عبيدة: أما بعد، فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن من منزل يسوؤه فيجعل الله بعده فرجًا، ولن يغلب عسر يسرين (¬3).
(ص) (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {فَانْصَبْ} فِي حَاجَتِكَ إلى رَبِّكَ) أخرجه ابن جرير عن محمد بن عمرو ثنا أبو عاصم ثنا عيسى عن ابن أبي نجيح، عنه بلفظ: إذا قمت إلى الصلاة فانصب في حاجتك إلى ربك.
وقال ابن عباس: فانصب يقول: في الدعاء (¬4)، وفي رواية: إذا فرغت مما فرض الله عليك من الصلاة فاسأل الله وارغب إليه وانصب له.
وقال الضحاك: يقول: إذا فرغت من المكتوبة قبل أن تسلم فانصب، وقال قتادة: أمره إذا فرغ من صلاته أن يبالغ في فى دعائه، وقال الحسن: إذا فرغت من جهاد عدوك اجتهد في الدعاء.
وقال زيد بن أسلم: إذا فرغت من جهاد العرب وانقطع جهادهم
¬__________
(¬1) "المنتقى" 3/ 165.
(¬2) "المستدرك" 2/ 528 عن الحسن. قال الذهبي في "التلخيص": مرسل.
(¬3) "الموطأ" برواية يحيى ص 276، 277.
(¬4) "تفسير الطبري" 12/ 628 (37541).

الصفحة 554