كتاب جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة
بعد ذلك في المسألة مرة أخرى، وأجلت النظر في أدلتها، وما وردني من شبهات حولها، فازددت بذلك اقتناعًا بصواب رأيي، وخطأ الرأي المخالف له، كيف لا، ورأينا هو ما ذهب إليه جماهير العلماء من المفسرين والفقهاء؛ كما هو مشروح في هذا الكتاب، وقد أوردت تلك الشبهات، وما فتح الله علي من الجواب في هذه الطبعة منه.
الثاني:
من يذهب معنا إلى أن الوجه ليس بعورة، ولكنه يرى مع ذلك أنه لا يجوز إشاعة هذا المذهب نظرًا لفساد الزمان، وسدًّا للذريعة، فإلى هؤلاء أقول:
إن الحكم الشرعي الثابت في الكتاب والسنة لا يجوز كتمانه وطيه عن الناس؛ بعلة فساد الزمان أو غيره، لعموم الأدلة القاضية بتحريم كتمان العلم، مثل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: 159] .
وقوله -صلى الله عليه وسلم: "من كتم علمًا ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار".
رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم، وصححه هو والذهبي، وغير ذلك من النصوص الرادعة عن كتم العلم.
فإذا كان القول بأن وجه المرأة ليس بعورة حكمًا ثابتًا في الشرع كما
الصفحة 27
259