كتاب جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة
استعماله في الشر والخير، {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35] .
بمثل هذا وذاك يمكن أن يوجد جيل من النساء المؤمنات اللاتي إذا سمعن مثل قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59] ؛ بادرن إلى امتثال أمره كما فعلت نساء الأنصار -رضي الله عنهن- حين نزل قوله عز وجل: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] ، بادرن فاختمرن بما تيسر لهن من الأزر كما هو مذكور في موضعه من الكتاب "الصفحة 78".
فمثل هذه النسوة يمكن أن تؤمر بستر الوجه إن كان واجبًا، وأما أمر السواد الأعظم من النساء بذلك، في مثل بلادنا السورية، وغيرها كمصر ونحوها من البلدان الأخرى التي انتشر، أو بدأ ينتشر فيها التبرج والخلاعة بأبشع صوره، مما لم تنج منه مع الأسف حتى بلاد التوحيد التي كنا نأمل أن تكون الحصن الحصين للمسلمين من هذا التبرج، فأمر هذا الجنس من النساء بستر الوجه الذي لم يأمر الله به، وهن لا استعداد عندهن أن يسترن نحورهن وصدورهن وما هو أكثر من ذلك؛ مما لا يذهب إليه من كان عنده ذرة من رائحة فقه الكتاب والسنة.
فمن الحكمة إذن، أن يقنع العلماء في هذا العصر بأن يستجيب النساء لما أمر الله بع من حجب البدن كله؛ حاشا الوجه والكفين، فمن حجبهما أيضًا منهن، فذلك ما نستحبه لهن، وندعو إليه. وأما إيجاب ذلك عليهن، فهو عندي تشدد في الدين، وتنطع لا يحبه الله، وخصوصًا على النساء اللاتي وصانا بهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيرًا، في أحاديث كثيرة، منها قوله عليه
الصفحة 32
259