كتاب جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة
...................................................................................
__________
= فهو قراءة، وإذا قال: "قال"، فهو شبه الريح".
وقال الدارقطني:
"تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح، مثل إبراهيم بن أبي يحيى، وموسى بن عبيدة، وغيرهما".
فتبين من كلمات هؤلاء الأئمة أن حديث ابن جريج المعنعن ضعيف، شديد الضعف، لا يستشهد به؛ لقبح تدليسه، حتى روى أحاديث موضوعة، بشهادة الإمام أحمد، وهذا إذا كان حديثه المعنعن مسندًا، فكيف إذا كان مرسلًا، بل معضلًا كهذا الحديث؟!.
فقد اتضح كالشمس أن تقوية الأستاذ المودودي لحديث قتادة المرسل بحديث ابن جريج المعضل لا وجه له البتة على ما تقتضيه قواعد علم الحديث وأقوال العارفين برجاله.
وهذا كله إذا صرفنا النظر عن مخالفة الحديث لحديث أسماء بنت عميس، وحديث قتادة الآخر بسنده عن عائشة، فكيف وهو مخالف لهما؟!
وقد كنت في تعقيبي على الأستاذ المودودي قد أعللت الأحاديث المشار إليها -حاشا حديث أسماء- باختلاف الرواة في ضبط متنه أيضًا، علاوة على ضعف أسانيدها، فأجاب الأستاذ عن ذلك بأن هذا الاختلاف إنما يضر لو فرضنا متون هذه الأحاديث كلها متنًا واحدًا. قال: والأمر ليس كذلك، بل هي أربعة أحاديث كل واحد منها مستقل عن غيره كما يقتضيه ظاهر ألفاظها. ثم قال:
"والاختلاف بينها ما هو باختلاف لا يمكن رفعه، إذ من الممكن أن نفهم بكل سهولة أن المراد بهذه الأحاديث أن المرأة لا يجوز لها أن تكشف من جسدها إلا الوجه واليدين عادة، بيد أنها إذا عرضت لها حاجة أو عذر فلها أن تكشف من جسدها إلا الوجه واليدين عادة، بيد أنها إذا عرضت لها حاجة أو عذر فلها أن تكشف إلى نصف ذراعها، كأن هذا الفرق إنما هو الفرق بين العورة المغلظة والعورة المخففة. ومما يدل على هذا =
الصفحة 46
259