كتاب جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة
...................................................................................
__________
= ثم أطال الكلام في تأييد ذلك. ثم ذكر "ص377":
"أن الإسلام يبيح للمرأة أن تكشف عن وجهها عند الحاجة والضرورة"!
فهذا نص منه على أن الوجه لا يجوز الكشف عنه إلا لحاجة. فهو مناقض لتقييده الحديث بالعادة، ومناقض من جهة أخرى لتقييده ما نص عليه الحديث الآخر من إباحة الكشف عن نصف الذراع للحاجة والضرورة؛ لأنه تبين من كلامه الذي نقلته عنه آنفًا في "الحجاب" وكلامه في "التعقيب" أن كلًّا من الوجه ونصف الذراع عورة لا يجوز الكشف عن شيء من ذلك إلا للحاجة أو للضرورة، بينما هو في "التعقيب" فرق بين العضوين. وما ذلك إلا تشبثًا منه بالحديث الذي بينا ضعفه في تعقيبي عليه، ولو أنه أعرض عنه بعد تبينه عدم ثبوته لما خسر شيئًا البتة، ما دام أنه يحمله على الحاجة والضرورة، وما دام أنه بهذه العلة يجيز الكشف عن أكثر من ذلك كما سبق بيانه.
وأما استدلال الأستاذ على الفرق الذي ادعاه بين نصف الذراع من جهة والكفين من جهة أخرى، باختلاف التعبير في حديثيهما، ففي الأول قال: "لا يحل"، وفي الآخر: "لم يصلح"؛ فاستدلال واهٍ جدًّا، لا أدري كيف ذهب الأستاذ إليه، وبيانه من وجوه:
أولًا: أنه لو صح استدلاله لتناقض الحديثان تناقضًا بينًا في حكم المستثنى، وهو بدن المرأة، فإن الأول يدل صراحة على تحريم الكشف عنه إلا ما استثنى منه، وأما الآخر فإن فهمنا أن قوله فيه: "لم يصلح"، ليس بمعنى: "لم يحل"، أو بعبارة أخرى: ليس في قوته في الدلالة على التحريم، أثبتنا بذلك التناقض بين الحديثين كما ذكرنا وهذا مما لا يقوله أحد.
ثانيًا: لا فرق عندنا بين قوله: "لا يحل"، وقوله: "لا يصلح"؛ فكلاهما يدل على التحريم؛ لأن الفساد ضد الصلاح، فما لا يصلح، فاسد، وفاعله مفسد، وقد ذم الله قومًا فقال: {الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ} ، فدل على أن "لا يصلح" =
الصفحة 49
259