كتاب أخلاق العلماء للآجري

وَأَكْرَمَهُمْ بِمَالِهِ , وَسَكَتَ عَنْ قَبِيحِ مَا يَظْهَرُ مِنْ مَنَاكِيرِهِمْ عَلَى أَبْوَابِهِمْ , وَفِي مَنَازِلِهِمْ , وَقَوْلِهِمْ وَفِعْلِهِمْ ثُمَّ زَيَّنَ لَهُمْ كَثِيرًا مِنْ قَبِيحِ فِعَالِهِمْ بِتَأْوِيلِهِ الْخَطَأَ , لِيَحْسُنَ مَوْقِعُهُ عِنْدَهُمْ , فَلَمَّا فَعَلَ هَذَا مُدَّةً طَوِيلَةً , وَاسْتَحْكَمَ فِيهِ الْفَسَادُ , وَلُّوهُ الْقَضَاءَ , فَذَبَحُوهُ بِغَيْرِ سِكِّينٍ , فَصَارَتْ لَهُمْ عَلَيْهِ مِنَّةٌ عَظِيمَةٌ , وَوَجَبَ عَلَيْهِ شُكْرُهُمْ , فَأَلْزَمَ نَفْسَهُ ذَلِكَ , لِئَلَّا يُغْضِبَهُمْ عَلَيْهِ , فَيَعْزِلُوهُ عَنِ الْقَضَاءِ , وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى غَضِبِ مَوْلَاهُ الْكَرِيمِ , فَاقْتَطَعَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى , وَالْأَرَامِلِ , وَالْفُقَرَاءِ , وَالْمَسَاكِينِ , وَأَمْوَالَ الْوُقُوفِ عَلَى الْمُجَاهِدِينَ , وَأَهْلِ الشَّرَفِ , وَبِالْحَرَمَيْنِ , وَأَمْوَالًا يَعُودُ نَفْعُهَا عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ , فَأَرْضَى بِهَا الْكَاتِبَ , وَالْحَاجِبَ , وَالْخَادِمَ , فَأَكَلَ الْحَرَامَ , وَأَطْعَمَ الْحَرَامَ , وَكَثُرَ الدَّاعِي عَلَيْهِ , فَالْوَيْلُ لِمَنْ أَوْرَثَهُ عِلْمُهُ هَذِهِ الْأَخْلَاقَ هَذَا الْعَالِمُ الَّذِي اسْتَعَاذَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَمَرَ أَنْ يُسْتَعَاذَ مِنْهُ , هَذَا الْعَالِمُ الَّذِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ»

الصفحة 122