كتاب أخلاق العلماء للآجري

اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِغَيْرِ حُضُورِ فَهْمٍ فَخُسْرَانٌ عَنْهُ مُبِينٌ , يَذْكُرُ اللَّهَ مَعَ الذَّاكِرِينَ , وَيَعْتَبِرُ بِلِسَانِ الْغَافِلِينَ , عَالِمٌ بِدَاءِ نَفْسِهِ , وَمُتَّهِمٌ لَهَا فِي كُلِّ حَالٍ , اتَّسَعَ فِي الْعُلُومِ , فَتَرَاكَمَتْ عَلَى قَلْبِهِ الْفُهُومُ , فَاسْتَحَى مِنَ الْحَيِّ الْقَيُّومِ. وَشُغْلُهُ بِاللَّهِ فِي جَمِيعِ سَعْيِهِ مُتَّصِلٌ , وَعَنْ غَيْرِهِ مُنْفَصِلٌ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ لِهَذَا النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَّ بِهِ الْعُلَمَاءَ , وَوَصَفْتَهُمْ بِهِ أَصْلٌ فِي الْقُرْآنِ أَوِ السُّنَّةِ , أَوْ أَثَرٌ عَمَّنْ تَقَدَّمَ؟ قِيلَ لَهُ: نَعَمْ , وَسَنَذْكُرُ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 108] أَفَلَا تَرَى , رَحِمَكَ اللَّهُ , كَيْفَ وَصَفَ الْعُلَمَاءَ بِالْبُكَاءِ وَالْخَشْيَةِ وَالطَّاعَةِ وَالتَّذَلُّلِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ؟
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ , أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ -[68]- بْنُ أَبِي شَيْبَةَ , أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ , عَنْ مِسْعَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْأَعْلَى التَّيْمِيَّ يَقُولُ: " §مَنْ أُوتِيَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَا يُبْكِيهِ , فَخَلِيقٌ أَنْ لَا يَكُونَ أُوتِيَ عِلْمًا يَنْفَعُهُ , لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَعَتَ الْعُلَمَاءَ وَقَرَأَ {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ} [الإسراء: 107] إِلَى قَوْلِهِ: {يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 109] "

الصفحة 67