كتاب تهذيب الآثار - الجزء المفقود

وَإِن قَالَ: صلَاته مَاضِيَة.
سُئِلَ الْفرق بَينه وَبَين الشاك فِي عدد صلَاته الْبَانِي فِيهَا على الْأَغْلَب من علمه عَلَيْهِ فِيمَا صلى من عَددهَا؟ فَلَنْ يَقُول فِي شَيْء من ذَلِك قولا إِلَّا ألزم فِي الآخر مثله!
وَكَذَلِكَ الْبَانِي على الْأَقَل من رَأْيه، إِذا كَانَ عِنْده أَنه قد عمل فَبنى عَلَيْهِ، كالشاك مِنْهَا فِي اثْنَتَيْنِ أَو ثَلَاث يَبْنِي على ثَلَاث، وَهُوَ يرى أَنه قد صلى ثَلَاثًا، غير أَنه شَاك فِي الثَّالِثَة: هَل صلاهَا أم لَا؟ فَإِنَّهُ غير جَائِز أمره بِإِعَادَة صلَاته إِذْ كُنَّا لَا نعلمهُ ضيع من صلَاته شَيْئا.
وَإِن كَانَ قد ترك الَّذِي نَخْتَار لَهُ فِي ذَلِك إِلَى غير الَّذِي نختاره لَهُ، وسبيله سَبِيل رجل شكّ بَعْدَمَا سلم من صَلَاة وَاجِبَة عَددهَا أَربع رَكْعَات فَلم يدر أَثلَاثًا صلاهَا أم أَرْبعا؟ فِي أَنه إِن قضى الرَّكْعَة الَّتِي شكّ فِيهَا، كَانَ أفضل لَهُ، وأحوط لدينِهِ. وَإِن هُوَ لم يقضها لم يجز لنا أَن نأمره بِإِعَادَة صلَاته، وَلَا الشَّهَادَة عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قد ضيع فرضا عَلَيْهِ وَاجِبا.
وَفِي هَذِه الْأَخْبَار الَّتِي رويناها عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الشاك فِيمَا صلى من عدد رَكْعَات صَلَاة هُوَ فِيهَا على مَا رويناها عَنهُ، الدّلَالَة الْوَاضِحَة على سَبِيل الْعَمَل فِي كل مَا شكّ فِيهِ شَاك من الْفَرَائِض الْوَاجِبَة عَلَيْهِ لله: هَل أَدَّاهُ أم لَا؟ وَذَلِكَ كالشاك من رُمَاة الْجمار من الْحَاج فِي عدد مَا رَمَاهَا بِهِ من الْحَصَى، والشاك من الطائفين بِالْبَيْتِ من الْحَاج فِي عدد مَا طَاف بِهِ من الأشواط، والشاك من الساعين بَين الصَّفَا والمروة فِي عدد مَا سعى بَينهمَا من الطّواف، والشاك فِي شهر رَمَضَان فِي يَوْم مِنْهُ: هَل أكل بعد طُلُوع الْفجْر أم لَا؟ أَو هَل أفطر قبل غرُوب الشَّمْس أم لَا؟ والشاك بعد التطهر للصَّلَاة هَل أحدث حَدثا نقض طهره أم لَا؟ والمستحاضة يلتبس عَلَيْهَا أَيَّام طهرهَا من أَيَّام حَيْضهَا، وَوقت ذَلِك.
وَالرجل يجب عَلَيْهِ زَكَاة فِي مَاله، فيعطيها من يرَاهُ فَقِيرا، تحل لَهُ

الصفحة 63