2 - عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب:
ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله A؟ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته (85)
ولما كان هذا الحديث حجة واضحة على إبطال ما ذهب إليه الشيخ الغماري في كتابه المشار إليه سابقا حاول التقصي منه من طريقين:
الأول: تأويله حتى يتفق مع مذهبه
والآخر: التشكيك في ثبوته فقال (ص 57) :
فلا بد من أحد أمرين: إما أن يكون غير ثابت في نفسه أو هو محمول على غير ظاهره ولا بد
قلت: أما ثبوته فلا شك فيه لأن له طرقا كثيرة بعضها في " الصحيح " كما سبق ولكن أصحاب الأهواء لا يتلزمون القواعد العلمية في التصحيح والتضعيف بل ما كان عليهم ضعفوه ولو كان في نفسه صحيحا كهذا الحديث (86) وما كان لهم صححوه أو مشوه ولو كان في نفسه ضعيفا وسيأتي لذلك بعض الأمثلة الأخرى والله المستعان
وأما تأويله فقد ذكر له وجوها واهية أقواها قوله:
إنه خبر متروك الظاهر بالاتفاق لأن الأئمة متفقون على كراهة تسوية القبر وعلى استحباب رفعه قدر شبر
_________
( ... ) مخطوطان قيمان الأول محفوظ بعض مجلداته في المكتبة الظاهرية ويوجد منه نسخة تامة في غيرها. والآخر منه نسخة مصورة في المجمع العلمي العربي بدمشق
(84) - رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (4 / 138) وأبو زرعة في " تاريخه " (66 / 2، 121 / 2) ( ... ) بسند صحيح عن عبد الله هذا وقد أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (3 / 2 / 8182) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا
(85) - رواه مسلم (3 / 61) وابو داود (3 / 70) والنسائي (1 / 285) والترمذي (2 / 153 154) والبيهقي (4 / 3) والطيالسي (1 / 168) وأحمد (رقم 7411064)
وله طرق عند الطيالسي وأحمد (رقم 657 و 658 و 889 و 1175 و 1176 و 1177 و 1238 و 1283) وابن أبي شيبة (4 / 139) والطبراني في " الصغير " ص 29 "
ولا مخالفة بين هذا الحديث وبين ما ثبت في السنة من مشروعية رفع القبر شبرا أو شبرين حتى يتنميز فيصان عن أن يهان لأن المراد به تسوية ما رفع عليه من البناء وإن قيل بخلافه قال الشيخ علي القارئ في " المرقاة " (2 / 372) في شرح الحديث: " (قبرا مشرفا) هو الذي بني عليه حتى ارتفع دون الذي أعلم عليه بالرمل والحصباء أو محسومة () بالحجارة ليعرف ولا يؤطأ (إلا سويته) في الأزهار: قال العلماء: يستحب أن يرفع القبر قدر شبر ويكره فوق ذلك ويستحب الهدم وفي قدره خلاف قيل إلى الأرض تغليظا وهذا أقرب إلى اللفظ أي لفظ الحديث من التسوية "
(86) - وكذلك فعل بعض غلاة الشيعة في كتابه " كشف الارتياب " (ص 366 فصرح فيه بتضعيف الحديث من طريق مسلم وطعن في رجاله وكلهم ثقات وكذلك غمز من صحته الكوثري الجهمي في " مقالاته " (ص 159) وهكذا ترى أهل الأهواء على اختلاف مذاهبهم يتتابعون على رد الحديث الصحيح بأوهى الشبه اتباعا لأهوائهم ونعوذ بالله تعالى من الخذلان
وكذا في تحفة الأحوذي " 2 / 154) نقلا عن المرقاة "