كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 24)

وفرضه مِن عنده، مع ما في ذلك من ظلم غيرِه بنقصان أنْصِبائهم، وإن وقعت بأقل كان فيها زيادةُ غيره وظلمُه.
ولقائل أن يقول: إن الاستدلال بالحديث على بطلان الوصية لوارث مطلقًا فيه نظر؛ لأنه إنما ورد لبيان نسخ وجوب الوصية كما مرَّ تقريره، وذلك على أن المراد «فلا وصية لوارث» أي واجبة، فبقي الجواز. وأما ما مرَّ من قولنا: لأنها إن وقعت بمقدار ميراثه كانت تحصيل حاصل، فهذا مسلَّم، وأما قولنا: وإن وقعت بأكثر ... إلخ، فهذا منقوض بجواز الوصية للأجنبي فإنه يلزم منها إعطاء الأجنبي ما لا يستحقه، ونقصُ حقوق الورثة، ومع ذلك فهي صحيحة قطعًا.
والجواب بالفرق بين إعطاء الأجنبي وبين تفضيل بعض الورثة على بعض، كما يدل عليه حديث الصحيحين (¬١) عن النعمان بن بشير أن أباه أتى به إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: إني نحلتُ ابني هذا غلامًا، فقال: «أكلَّ ولدك نحلتَ مثله؟ » قال: لا، قال: «فأرجعه».
وفي رواية (¬٢) أنه قال: «أيسرُّك أن يكونوا إليك في البرِّ سواء؟ » قال: بلى. قال: «فلا إذًا». وفي رواية (¬٣) أنه قال: أعطاني أبي عطية، فقالت عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تُشْهِد رسولَ الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: إني أعطيتُ ابني من عمرة بنت رواحة عطية فأمرتني أن أُشهدك يا
---------------
(¬١) «صحيح البخاري» (٢٥٨٦) و «صحيح مسلم» (١٦٢٣/ ٩).
(¬٢) «صحيح مسلم» (١٦٢٣/ ١٧).
(¬٣) «صحيح البخاري» (٢٥٨٧)، وبنحوه في «صحيح مسلم» (١٦٢٣/ ١٣).

الصفحة 173