كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 24)

كثرتهما ــ أولى من حمله على خلاف ذلك كما مرَّ.
هذا بحثنا كلُّه في شأن البول، وبقي شأن اغتسال الجنب.
فقد يقال: إنه لا يحتمل التعليل بالاستقذار والإضرار؛ إذ لا يناسب التعليلَ بأحدهما التقييدُ بالجنب؛ فإن الاغتسال في الماء ربما يقذِّره أو يبث فيه ضررًا مطلقًا، سواءٌ أكان المغتسل جنبًا أم لا. وهذا قوي.
وقد سمعت من يعتذر عنه بأن الناس يستقذرون الماء الذي اغتسل فيه الجنب أشدَّ من استقذارهم الماء الذي اغتسل فيه غيره، وباحتمال أن يكون اغتسال الجنب أشدَّ ضررًا من اغتسال غيره؛ لاحتمال أن يكون في العرق والوسخ الذي ينفصل عن الجنب ضرر خاص، كما يرمز إليه إيجاب الغسل عليه، مع ما عُلم أن أحكام الشرع مبنيَّة على مصالح البشر.
فلا شك أنَّ الغسل من الجنابة من حكمته جلبُ مصلحة للجنب أو إزالةُ ضررٍ عنه، ويحتمل أن يكون في انغماسه ــ أعنى الجنب في الماء ــ إضرار (¬١) بصحَّته؛ لأن الأجزاء التي تنفصل عنه تبقى مدَّة مجاورةً لبدنه مع انفتاح مسامِّه، بخلاف الجاري فإنه وإن انغمس فيه فإن الماء يتجدَّد.
ولعلَّك ترى هذا تعسُّفًا أو قريبًا منه إلا أنه تؤيِّده الأدلة الظاهرة في جواز التطهُّر بالماء الذي اغتسل فيه الجنب. نعم، أدلَّة عدم تنجُّسه أكثر وأظهر من أدلَّة بقاء طهوريَّته (¬٢).
* * * *
---------------
(¬١) الأصل: «إضرارا» سبق قلم.
(¬٢) مجموع [٤٧١٦].

الصفحة 206