كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 24)

وللنسائي (¬١) من حديث عائشة: «فأخذته فصرعته فخنقته». ولا يقال قد ذكر في هذا الحديث أنه جاء ليقطع صلاته؛ لأنا نقول: قد بيَّن في رواية مسلم (¬٢) سبب القطع، وهو أنه جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهه، وأما مجرد المرور فقد حصل ولم تفسد به الصلاة.
وقال بعضهم: حديث أبي ذر مقدم؛ لأن حديث عائشة على أصل الإباحة. انتهى. وهو مبني على أنهما متعارضان، ومع إمكان الجمع المذكور لا تعارض. وقال أحمد: يقطع الصلاة الكلب الأسود، وفي النفس من المرأة والحمار شيء. ووجَّهه ابنُ دقيق العيد وغيره بأنه لم يجد في الكلب الأسود ما يعارضه، ووجد في الحمار حديث ابن عباس (¬٣) ... ووجد في المرأة حديث عائشة ... ».
يقول كاتبه: أما النسخ فلا وجه له لإمكان الجمع كما سيأتي. وأما تأويل القطع بنقص الخشوع فضعفه بيِّن؛ أولا: لمخالفته الظاهر.
وثانيًا: أنه لا اختصاص لنقص الخشوع بهذه الأشياء، بل ربما ينقص الخشوع بغيرها أكثر مما ينقص ببعضها.
وثالثًا (¬٤): تقييد الكلب بالأسود وتعليله بأنه شيطان.
ورابعًا: قد ثبت أن السُّترة تمنع القطع مع أنها لا تمنع نقص الخشوع إذا
---------------
(¬١) في «السنن الكبرى» (١١٣٧٥).
(¬٢) برقم (٥٤٢) من حديث أبي الدرداء.
(¬٣) أخرجه البخاري (٤٩٣) ومسلم (٥٠٤).
(¬٤) الأصل: «وثانيًا»، سبق قلم.

الصفحة 208