كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 24)

يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}، وإنك لم تتق الله فلا أجد لك مخرجًا، عصيتَ ربك وبانتْ منك امرأتك».
وأخرج أبو داود له متابعات عن ابن عباس نحوه.
ومن القائلين بالتحريم واللزوم من قال: إذا طلق ثلاثًا مجموعة وقعت واحدة، وهو قول محمد بن إسحاق صاحب المغازي، واحتج بما رواه عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: طلق ركانة بن عبد يزيد امرأته ثلاثًا في مجلس واحد، فحزن عليها حزنًا شديدًا، فسأله النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «كيف طلقتها؟ » قال: ثلاثًا في مجلس واحد، فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إنما تلك واحدة، فارتجعها إن شئت»، فارتجعها. وأخرجه أحمد وأبو يعلى (¬١) وصححه من طريق محمد بن إسحاق. وهذا الحديث نص في المسألة لا يقبل التأويل الذي في غيره من الروايات الآتي ذكرها. وقد أجابوا عنه بأربعة أشياء:
أحدها: أن محمد بن إسحاق وشيخه مختلف فيهما، وأجيب بأنهم احتجوا في عدة من الأحكام بمثل هذا الإسناد كحديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ردّ على أبي العاص بن الربيع زينبَ ابنتَه بالنكاح الأول. وليس كل مختلف فيه مردودًا.
الثاني: معارضته بفتوى ابن عباس بوقوع الثلاث كما تقدم من رواية مجاهد وغيره؛ فلا يُظنُّ بابن عباس أنه كان عنده هذا الحكم عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ثم يفتي بخلافه إلا بمرجِّح ظهر له، وراوي الخبر أَخبرُ مِن غيره بما روى. وأجيب أن الاعتبار برواية الراوي لا برأيه لما يطرق رأيه من احتمال النسيان وغير ذلك،
---------------
(¬١) «مسند أحمد» (٢٣٨٧) و «مسند أبي يعلى» (٢٥٠٠).

الصفحة 216