كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 24)

وأما كونه تمسك بمرجح فلم ينحصر في المرفوع لاحتمال التمسك بتخصيص أو تقييد أو تأويل، وليس قول مجتهد حجة على مجتهد آخر.
الثالث: أن أبا داود رجح (¬١) أن ركانة إنما طلق امرأته البتة كما أخرجه هو من طريق آل بيت ركانة، وهو تعليل قوي (¬٢) لجواز أن يكون بعض رواته حمل «البتة» على الثلاث، فقال: طلقها ثلاثًا، فبهذه النكتة يقف الاستدلال بحديث ابن عباس.
الرابع: أنه مذهب شاذ فلا يعمل به، وأجيب بأنه نُقل عن علي وابن مسعود وعبد الرحمن بن عوف والزبير مثله، نقل ذلك ابن مغيث في «كتاب الوثائق» له وعزاه لمحمد بن وضَّاح، ونقل الغنوي ذلك عن جماعة من مشايخ قرطبة كمحمد بن بقي بن مخلد (¬٣) ومحمد بن عبد السلام الخشني
---------------
(¬١) علق عليه الشيخ بقوله: «إنما رجّحه لأنه لم يصحّ مقابله عنده، وقد صحّ عند غيره».
(¬٢) علق عليه الشيخ بقوله: «إنما يكون قويًّا لو صحّ حديث آل بيت ركانة، ولا يصحّ، بل لو صحّ لكان حمله على حديث ابن إسحاق أولى؛ فإن التعبير عن الثلاث بالبتّة أسهل من عكسه. وأظهر من هذا أن لفظ الحديث: «ثلاثا في مجلس واحد»، فقوله «في مجلس واحد» صريح في رفع الاحتمال المذكور. حتى لو كان لفظه: «طلقها البتة في مجلس واحد» لكان ظاهرًا في أن المراد بالبتة الثلاث لا لفظ البتة. فتأمل. والله أعلم».
(¬٣) كذا في الأصل تبعًا للفتح. والصواب: «أحمد بن بقي بن مخلد» قاضي قرطبة (ت ٣٢٤ هـ)، له ترجمة في «سير أعلام النبلاء»: (١٥/ ٨٣). والتصويب مستفاد من رسالة «تسمية المفتين بأن الطلاق الثلاث بلفظ واحد طلقة واحدة» (ص ٦١) للدكتور سليمان العمير.

الصفحة 217