كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 24)

والحاصل أن القنوت من أصله لم يثبت، فكفى الله المؤمنين شرَّ القتال.
وسجود السهو ليس له إلا سبب واحد، وهو فعل ما يُبطل عَمْده ولا يُبطل سهوه، ولو احتمالًا، أعني بأن لم يتيقَّن فعل المبطل ولكنه شكَّ في فعله.
ثمَّ قالوا: إذا قرأ الفاتحة أو السورة أو التشهد أو الصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في غير محلها، سجد للسهو على تفريعٍ في ذلك. ولا دليل لهم على هذا.
قالوا: لأنه يدل على عدم الاعتناء بالصلاة بحيث شبَّه ترك التشهد الأول. قلنا: أما التشهُّد الأول فقد ثبت أن تركه عمدًا مبطل، ونَقْل تلك الأشياء غير مبطل. ثم لِمَ لم تقولوا في أذكار الركوع والاعتدال والسجود والجلوس بين السجدتين مثل ذلك؟
والظاهر أنَّ أول من طرق ذلك إنما قاسها على السلام قبل التمام؛ فإنه ركن وقع في غير محلِّه، فقاس عليه الفاتحة والتشهُّد والصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -. ولكن المتأخرين لم يوجِّهوه بذلك، لعلمهم أن السلام قبل التمام إنما سُجد له لكون فِعْله عمدًا مبطلًا، لا لإيقاعه في غير محلِّه، فوجهوه بما وجهَّوا، وألحقوا بعض ما يناسب توجيههم، ولم يجرؤوا على إلحاق الجميع خوف الشناعة.
فالحق ــ إن شاء الله تعالى ــ في سجود السهو أنه إنما شُرع لترك التشهُّد الأول، وللسلام قبل التمام، وللزيادة، أو الشك فيها. ومن يقول بالقياس فيُلحق بها كلَّ شيء أبطل عمدُه لا سَهْوُه، سواء أكان فعلًا أم تركًا.

الصفحة 254