كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 24)

محسوسةً من الجهر والشدة وغيرهما، وكذا للفتح والكسر والضم والسكون، وللمسميات صفاتٌ مشابهة لذلك، فرُوعِيَتِ المناسبة بذلك، وقد ذكر ابن جني في «خصائصه» (¬١) أمثلة لذلك.
وقال فريق آخر: بل بمجرَّد الاصطلاح بمعونة الإشارة، كأن يحضر الشيءُ أمام المُصطَلِحِين فيتَّفِقُون على لفظٍ يضعونه له.
وقال آخرون: بل الأصل في هذا حكاية أصوات الحيوانات وغيرها، وقد حكاه ابنُ جنِّي في «الخصائص» (¬٢) وحسَّنه، ولفظُه: «وذهب بعضُهم إلى أنَّ أصل اللغات كلِّها إنما هو من الأصوات المسموعات كدوِيِّ الريح، وحنين الرعد، وخرير الماء، وشحيج الحمار، ونعيق الغراب، وصهيل الفرس، ونزيب الظبْي، ونحو ذلك، ثم ولدت اللغات عن ذلك فيما بعد. وهذا عندي وَجْهٌ صالح ومذهبٌ مُتَقَبَّلٌ». خصائص (ج ١ ص ٤٤).
الرأي الثالث: الوَقْف.
أمَّا أنا فإني أرى أنَّ أصل اللغة الإشارةُ على تصرُّفٍ في معنى الإشارة لما ستراه إن شاء الله تعالى. ثم أقول: إمّا أن يكون الخالق عز وجل وضعها موافقةً لذلك مراعاةً للحكمة وليَسهل تعلُّمُها على الناس، ويكون أظهر في الدلالة على المعاني، كما يدلك على ذلك كثرة استعمال العرب كلمة (البَوْس) بمعنى التقبيل، حتى لا تكاد العامة تعرف له لفظًا غير (البَوْس) مع
---------------
(¬١) وذلك في باب: «في إمساس الألفاظ أشباه المعاني»: (١/ ١٥٢ - ١٦٨) ت. محمد علي النجار.
(¬٢) (١/ ٤٦ - ٤٧).

الصفحة 322