كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 24)

ومن أمثلة هذا: اسم الإشارة وهو (ذا). فالإنسان إذا أشار إلى حاضر يُبرز عضوًا منه موجِّهًا إلى ذلك الشيء، وقد يصوِّت معه بصوت خالٍ عن معنى ليوجِّه نظر السامع إلى الإشارة فالمشارِ إليه.
ومن جملة الأعضاء التي تُبرَز للإشارة: اللسان، وهو الذي يمكن منه استمداد اللفظ.
فرأى الواضعُ أنّه ينبغي وضع كلمة الإشارة استمدادًا من إخراج اللسان والنطقِ ببعض الحروف التي يتيسّر النطق بها حينئذ. فوجد ثلاثة أحرف: الذال، والثاء، والظاء. والثاء خفيّة، والظاء لا تخلو من خفاء، فتعيَّن الذال. وزاد معها الألف ليَبِين الصوتُ، ثم تصرّف فيها في أسماء الإشارة، والموصول، وبعض الظروف كإذ، وإذا، ومُذ، ومنذ؛ لوجوهٍ يطول بيانها، والأصل فيها ما تقدم.
ومن ذلك: أنّ إشارة الإنسان إلى نفسه تكون بعطف عضوٍ منه إلى جسمه، فتعيَّن هاهنا اللسان.
وأنت إذا عطفت لسانك إليك محرِّكًا له كما يفعل المشير، ثم التمست حرفًا تنطق به حينئذٍ، تعيَّنَ النون. فجُعلت النون أصلاً لضمير المتكلم، وتُصرِّف فيها في غيره.
ومن ذلك: أنّ إشارة الإنسان إلى الوقت الحاضر تكون بتحريك يديه حركة معترضة، ثم الإشارة إلى نفسه، يريد وقتنا الحاضر، مع تصويتٍ يصحب الإشارة.

الصفحة 327