كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 24)

فـ"ولد الناقة" حقيقة لغوية في الكبير والصغير من الإبل، ولكنه صار حقيقة عرفية في الصغير، إلا أن قوله: "لأحملنك على" قرينة تعيِّن الكبير لأنه هو الذي يُحمل عليه. ولكن الرجل كان في ضيق وانقباض لهلاك راحلته وحاجته إلى أخرى، فاستعجل ولم يتأمَّل.
ومنه ما يُروى أن امرأةً مرَّت تسأل عن زوجها، فقال لها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: "هو ذاك في عينيه بياض" فأسرعت حتى أدركت زوجها وطفقت تنظر في عينيه وأخبرته بما قال لها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فقال الرجل: "صدق، وسوادٌ" (¬١).
فالمعروف في العادة أن البياض الأصلي في العين، وهو المحدق بالسواد لا يُخبر عنه بأن يقال: في عينَي فلانٍ بياض؛ إذ لا تخلوا عينا أحدٍ من الناس عنه. فالإخبار به إخبار بما لا يخفى على أحدٍ، فلا تظهر له فائدة. فهذا هو الذي حمل المرأة على حمل البياض على البياض الذي يَحْدُث في بعض العيون لرَمَدٍ أو بثرة أو نحوها فيعيب العين وينقص ضوءها، ولكن مثل هذا البياض إنما يحدث في العين تدريجًا وبعد مقدمات في مدة شهرٍ أو أكثر. وزوج المرأة كان عندها صباح ذلك اليوم وقبله، وليس بعينيه بأس، فهذه قرينة واضحة تردُّ ما توهَّمته المرأة.
ومنه ما يُروى أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - قال لعجوز: "لا تدخل الجنَّة عجوز" فانزعجت، فقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: "ألم تسمعي قول الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥) فَجَعَلْنَاهُنَّ
---------------
(¬١) روي من مُرسل زيد بن أسلم. انظر "تخريج أحاديث الإحياء" للعراقي (ص ١٠١٩).

الصفحة 396