كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 24)

قوله تعالى: {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [٢٧].
يظهر لي أنّ بين الاستئناس والسلام مغايرةً ما، وقد يتّحدان.
فالاستئناس ــ وهو الاستئذان ــ مطلوب، مع قطع النظر عن كونه بالسلام أو بغيره.
والسلام مطلوب، مع قطع النظر عن كونه استئذانًا أو غيره.
وعلى هذا، فمن استأذن بالسلام، فقد جاء بالأمرين معًا، ومن استأذن بغير السلام لزمه السلام.
وحينئذ لا وجه لقول من زعم أنّ السلام قبل الاستئذان؛ لأنّه إذا سلّم فقد استأذن. وكأنّه بناه على أنّ الاستئذان إنّما يكون بنحو: «أيدخل فلان؟».
وليس بلازم، بل الاستئذان هو طلب الإذن بأي صورة كان، ولا يخفى أنّ هذا يحصل بالسلام مع معونة القرائن.
فإن قلت: فَلِم لم يَقتصر في الآية على بيان الاستئذان، ويُوكل ذِكْرَ السلام إلى الأدلة العامة؟
قلتُ: هذا السؤال غير وارد؛ لأن تكرار الأوامر عند وجود مناسبة لا غرابة فيه.
ومع ذلك، فكأنَّه إشارة إلى استحباب أن يكون الاستئذان بلفظ السلام؛ لأنّ المخاطب يقول: إذا شُرع لي الاستئذان، وشُرع لي السلام، فالأولى أن أؤديهما معًا. والله أعلم.
ومعنى الاستئناس: طلب الإيناس، كالاستفهام: طلب الإفهام،

الصفحة 54