كتاب المسند المصنف المعلل (اسم الجزء: 24)

١٠٧٥٧ - عن عبد الرَّحمَن بن عبد الله بن كعب بن مالك، أن عبد الله بن كعب كان قائد كعب من بنيه حين عمي، قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه، حين تخلف عن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم في غزوة تبوك، قال كعب بن مالك:
«لم أتخلف عن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم في غزوة غزاها قط، إلا في غزوة تبوك، غير أني قد تخلفت في غزوة بدر، ولم يعاتب أحدا تخلف عنه، إنما خرج رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم والمسلمون، يريدون عير قريش، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد، ولقد شهدت مع رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم ليلة العقبة، حين تواثقنا على الإسلام، وما أحب أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها، وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم في غزوة تبوك، أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني، حين تخلفت عنه في تلك الغزوة، والله ما جمعت قبلها راحلتين قط، حتى جمعتهما في تلك الغزوة، فغزاها رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم في حر شديد، واستقبل سفرا بعيدا ومفازا، واستقبل عدوا كثيرا، فجلا للمسلمين أمرهم، ليتأهبوا أهبة غزوهم، فأخبرهم بوجههم الذي يريد، والمسلمون مع رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم كثير، ولا يجمعهم كتاب حافظ ـ يريد بذلك الديوان ـ قال كعب: فقل رجل يريد أن يتغيب، يظن أن ذلك سيخفى له، ما لم ينزل فيه وحي من الله، عز وجل، وغزا رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال، فأنا إليها أصعر، فتجهز رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم والمسلمون معه، وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم، فأرجع ولم أقض شيئا، وأقول في نفسي: أنا قادر على ذلك إذا أردت، فلم يزل ذلك يتمادى بي، حتى استمر بالناس الجد، فأصبح رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم غاديا، والمسلمون معه، ولم أقض من جهازي شيئا، ثم غدوت، فرجعت ولم أقض شيئا، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا، وتفارط الغزو، فهممت أن أرتحل فأدركهم، فياليتني فعلت، ثم لم يقدر ذلك لي، فطفقت إذا خرجت في الناس، بعد خروج رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم يحزنني أني لا أرى لي أسوة، إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق، أو رجلا ممن

⦗٤٢⦘
عذر الله من الضعفاء، ولم يذكرني رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم حتى بلغ تبوكا، فقال، وهو جالس في القوم بتبوك: ما فعل كعب بن مالك؟ قال رجل من بني سلمة: يا رسول الله، حبسه برداه، والنظر في عطفيه، فقال له معاذ بن جبل: بئس ما قلت، والله، يا رسول الله، ما علمنا عليه إلا خيرا،

الصفحة 41