كتاب المسند المصنف المعلل (اسم الجزء: 24)

قال: فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم في امرأتك، فقد أذن لامرأة هلال بن أُمية أن تخدمه، قال: فقلت: لا أستأذن فيها رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم وما يدريني ماذا يقول رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم إذا استأذنته فيها، وأنا رجل شاب، قال: فلبثت بذلك عشر ليال، فكمل لنا خمسون ليلة، من حين نهي عن كلامنا، قال: ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة، على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله، عز وجل، منا، قد ضاقت علي نفسي، وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ أوفى على سلع، يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك، أبشر، قال: فخررت ساجدا، وعرفت أن قد جاء فرج، قال: فآذن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم الناس بتوبة الله علينا، حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يبشروننا، فذهب قبل صاحبي مبشرون، وركض رجل إلي فرسا، وسعى ساع من أسلم قبلي، وأوفى الجبل، فكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني، فنزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته، والله ما أملك غيرهما يومئذ، واستعرت ثوبين فلبستهما، فانطلقت أتأمم رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم يتلقاني الناس فوجا فوجا، يهنئوني بالتوبة، ويقولون: لتهنئك توبة الله عليك، حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم جالس في المسجد، وحوله الناس، فقام طلحة بن عُبيد الله يهرول، حتى صافحني وهنأني، والله ما

⦗٤٥⦘
قام رجل من المهاجرين غيره، قال: فكان كعب لا ينساها لطلحة، قال كعب: فلما سلمت على رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم قال: وهو يبرق وجهه من السرور، ويقول: أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك، قال: فقلت: أمن عندك يا رسول الله، أم من عند الله؟ فقال: لا، بل من عند الله، وكان رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم إذا سر استنار وجهه، كأن وجهه قطعة قمر، قال: وكنا نعرف ذلك، قال: فلما جلست بين يديه، قلت: يا رسول الله، إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله، وإلى رسوله صَلى الله عَليه وسَلم فقال رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: أمسك بعض مالك، فهو خير لك، قال: فقلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر، قال: وقلت: يا رسول الله، إن الله إنما أنجاني بالصدق، وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت،

الصفحة 44