كتاب المسند المصنف المعلل (اسم الجزء: 24)

قال: فوالله ما علمت أن أحدا من المسلمين أبلاه الله، في صدق الحديث، منذ ذكرت ذلك لرسول الله صَلى الله عَليه وسَلم إلى يومي هذا، أحسن مما أبلاني الله به، والله، ما تعمدت كِذْبةً منذ قلت ذلك لرسول الله صَلى الله عَليه وسَلم إلى يومي هذا، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي، قال: فأنزل الله، عز وجل: {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم. وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم} حتى بلغ: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} قال كعب: والله، ما أنعم الله علي من نعمة قط، بعد إذ هداني الله للإسلام، أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم أن لا أكون كذبته، فأهلك كما هلك الذين كذبوا، إن الله قال للذين كذبوا، حين أنزل الوحي، شر ما قال لأحد، وقال الله: {سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون. يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين} قال كعب: كنا خلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم حين حلفوا له، فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله

⦗٤٦⦘
أمرنا، حتى قضى الله فيه، فبذلك قال الله، عز وجل: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا} وليس الذي ذكر الله مما خلفنا، تخلفنا عن الغزو، وإنما هو تخليفه إيانا، وإرجاؤه أمرنا، عَمَّن حلف له واعتذر إليه فقبل منه» (¬١).
- وفي رواية: «كان رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم قلما يريد غزوة يغزوها، إلا ورى بغيرها، حتى كان غزوة تبوك، فغزاها رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم في حر شديد، استقبل سفرا بعيدا ومفازا، واستقبل غزو عدو كثير، فجلا للمسلمين أمرهم، ليتأهبوا أهبة عدوهم، أخبرهم بوجهه الذي يريد» (¬٢).
---------------
(¬١) اللفظ لمسلم (٧١١٦).
(¬٢) اللفظ لأحمد (١٥٨٧٤).

الصفحة 45