كتاب المسند المصنف المعلل (اسم الجزء: 24)

- وفي رواية: «عن عبد الله بن كعب بن مالك، قال: سمعت أبي كعب بن مالك، وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، أنه لم يتخلف عن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم في غزوة غزاها قط، غير غزوتين، غزوة العسرة، وغزوة بدر، قال: فأجمعت صدق رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم ضحى، وكان قلما يقدم من سفر سافره إلا ضحى، وكان يبدأ بالمسجد، فيركع ركعتين، ونهى النبي صَلى الله عَليه وسَلم عن كلامي وكلام صاحبي، ولم ينه عن كلام أحد من المتخلفين غيرنا، فاجتنب الناس كلامنا، فلبثت كذلك حتى طال علي الأمر، وما من شيء أهم إلي من أن أموت، فلا يصلي علي النبي صَلى الله عَليه وسَلم أو يموت رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فأكون من الناس بتلك المنزلة، فلا يكلمني أحد منهم، ولا يصلي علي، فأنزل الله توبتنا على نبيه صَلى الله عَليه وسَلم حين بقي الثلث الآخر من الليل، ورسول الله صَلى الله عَليه وسَلم عند أُم سلمة، وكانت أُم سلمة محسنة في شأني، معنية في أمري، فقال رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: يا أُم سلمة، تيب على كعب، قالت: أفلا أرسل إليه فأبشره؟ قال: إذا يحطمكم الناس فيمنعونكم النوم سائر الليلة، حتى إذا صلى رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم صلاة الفجر، آذن بتوبة الله علينا، وكان إذا استبشر استنار وجهه، حتى كأنه قطعة

⦗٤٧⦘
من القمر، وكنا أيها الثلاثة الذين خلفوا عن الأمر الذي قبل من هؤلاء الذين اعتذروا، حين أنزل الله لنا التوبة، فلما ذكر الذين كذبوا رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم من المتخلفين، فاعتذروا بالباطل، ذكروا بشر ما ذكر به أحد، قال الله سبحانه: {يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله} الآية» (¬١).
- وفي رواية: «عن كعب بن مالك، في قصته، قال: قلت: يا رسول الله، إن من توبتي إلى الله، أن أخرج من مالي كله إلى الله، وإلى رسوله صدقة، قال: لا، قلت: فنصفه، قال: لا، قلت: فثلثه، قال: نعم، قلت: فإني أمسك سهمي من خيبر» (¬٢).
---------------
(¬١) اللفظ للبخاري (٤٦٧٧).
(¬٢) اللفظ لأبي داود (٣٣٢١).

الصفحة 46