كتاب المسند المصنف المعلل (اسم الجزء: 24)

فإذا فيها: أما بعد، فإنه بلغني أن صاحبك قد جفاك وأقصاك، ولست بدار مضيعة ولا هوان، فالحق بنا نواسك، فقلت: هذا أيضا من البلاء والشر، فسجرت لها التنور وأحرقتها فيه، فلما مضت أربعون ليلة، إذا رسول من النبي صَلى الله عَليه وسَلم قد أتاني، فقال: اعتزل امرأتك، فقلت: أطلقها؟ قال: لا، ولكن لا تقربنها، فجاءت امرأة هلال فقالت: يا رسول الله، إن هلال بن أُمية شيخ ضعيف، فهل تأذن لي أن أخدمه؟ قال: نعم، ولكن لا يقربنك، قالت: يا نبي الله، ما به حركة لشيء، ما زال

⦗٥٨⦘
مكبا يبكي الليل والنهار، منذ كان من أمره ما كان، قال كعب: فلما طال علي البلاء، اقتحمت على أبي قتادة حائطه، وهو ابن عمي، فسلمت عليه، فلم يرد علي، فقلت: أنشدك الله يا أبا قتادة، أتعلم أني أحب الله ورسوله؟ فسكت، ثم قلت: أنشدك الله يا أبا قتادة، أتعلم أني أحب الله ورسوله؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: فلم أملك نفسي أن بكيت، ثم اقتحمت الحائط خارجا، حتى إذا مضت خمسون ليلة، من حين نهى النبي صَلى الله عَليه وسَلم الناس عن كلامنا، صليت على ظهر بيت لنا صلاة الفجر، ثم جلست، وأنا في المنزلة التي قال الله، عز وجل، قد ضاقت علينا الأرض بما رحبت، وضاقت علينا أنفسنا، إذ سمعت نداء من ذروة سلع: أن أبشر يا كعب بن مالك، فخررت ساجدا، وعرفت أن الله قد جاءنا بالفرج، ثم جاء رجل يركض على فرس يبشرني، فكان الصوت أسرع من فرسه، فأعطيته ثوبي بشارة، ولبست ثوبين آخرين، وكانت توبتنا نزلت على النبي صَلى الله عَليه وسَلم ثلث الليل، فقالت أُم سلمة عشيتئذ: يا نبي الله، ألا نبشر كعب بن مالك؟ قال: إذا يحطمنكم الناس، ويمنعونكم النوم سائر الليلة، وكانت أُم سلمة محسنة، محتسبة في شأني، تحزن بأمري، فانطلقت إلى النبي صَلى الله عَليه وسَلم فإذا هو جالس في المسجد، وحوله المسلمون، وهو يستنير كاستنارة القمر، وكان إذا سر بالأمر استنار، فجئت فجلست بين يديه، فقال: أبشر، يا كعب بن مالك، بخير يوم أتى عليك منذ يوم ولدتك أمك، قلت: يا نبي الله، أمن عند الله، أو من عندك؟ قال: بل من عند الله، عز وجل، ثم تلا عليهم: {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار} حتى بلغ: {إن الله هو التواب الرحيم}

الصفحة 57