كتاب المسند المصنف المعلل (اسم الجزء: 24)

قال: فتكلم رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فتلا ودعا إلى الله، عز وجل، ورغب في الإسلام، قال: أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم، قال: فأخذ البراء بن معرور بيده، ثم قال: نعم، والذي بعثك بالحق، لنمنعك مما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله، فنحن أهل الحروب، وأهل الحلقة، ورثناها كابرا عن كابر، قال: فاعترض القول، والبراء يكلم رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم أَبو الهيثم بن التيهان، حليف بني عبد الأشهل، فقال: يا رسول الله، إن بيننا وبين الرجال حبالا، وإنا قاطعوها، يعني العهود، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله، أن ترجع إلى قومك وتدعنا، قال: فتبسم رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم ثم قال: بل الدم الدم، والهدم الهدم، أنا منكم وأنتم مني، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم، وقد قال رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: أخرجوا إلي منكم اثني

⦗٦٨⦘
عشر نقيبا، يكونون على قومهم، فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا، منهم تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس».
وأما معبد بن كعب، فحدثني في حديثه عن أخيه، عن أبيه، كعب بن مالك، قال:
«كان أول من ضرب على يد رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم البراء بن معرور، ثم تتابع القوم، فلما بايعنا رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم صرخ الشيطان من رأس العقبة، بأبعد صوت سمعته قط: يا أهل الجباجب، والجباجب: المنازل ـ هل لكم في مذمم والصباة معه، قد أجمعوا على حربكم ـ قال علي، يعني ابن إسحاق: ما يقول عدو الله محمد ـ فقال رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: هذا أزب العقبة، هذا ابن أزيب، اسمع، أي عدو الله، أما والله لأفرغن لك، ثم قال رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: ارفعوا إلي رحالكم، قال: فقال له العباس بن عبادة بن نضلة: والذي بعثك بالحق، لئن شئت لنميلن على أهل منى غدا بأسيافنا، قال: فقال رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: لم أومر بذلك، قال: فرجعنا فنمنا حتى أصبحنا، فلما أصبحنا غدت علينا جلة قريش، حتى جاؤونا في منازلنا،

الصفحة 67