كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 24)

السّنة بِالرَّفْع وَالنّصب أَي دَامَت وَزَاد عبد الرَّزَّاق عَن مَالك ثمَّ لم تزل تِلْكَ السّنة حَتَّى غرب مَرْوَان ثمَّ ترك النَّاس ذَلِك يَعْنِي أهل الْمَدِينَة -
6833 - ح دّثنا يَحْياى بنُ بُكَيْرٍ، حدّثنا اللَّيْثُ، عنْ عُقَيْلِ، عنِ ابنِ شِهابٍ، عنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ، رَضِي الله عَنهُ، أنَّ رسولَ الله قَضاى فِيمَنْ زَنَى ولَمْ يُحْصَنْ بِنَفْي عامٍ بِإقامَةِ الحَدِّ عَليْهِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعقيل بِضَم الْعين ابْن خَالِد.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الرَّجْم عَن مُحَمَّد بن رَافع.
قَوْله: وَلم يحصن بِصِيغَة الْمَعْلُوم والمجهول. قَوْله: بِإِقَامَة الْحَد أَي: ملتبساً جَامعا بَينهمَا، ويروى: وَإِقَامَة الْحَد.

33 - (بابُ نَفْيِ أهْلِ المَعاصِي والمُخَنَّثِينَ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان نفي أهل الْمعاصِي وَهُوَ جمع مَعْصِيّة. قَوْله: والمخنثين أَي: وَفِي بَيَان نفي المخنثين وَهُوَ جمع مخنث بتَشْديد النُّون الْمَفْتُوحَة وبكسرها وَالْفَتْح أشهر، وَهُوَ الْقيَاس مَأْخُوذ من خنثت الشَّيْء فتخنث أَي: عطفته فتعطف، وَمِنْه سمي المخنث، قَالَه الْجَوْهَرِي، وَفِي الْمغرب تركيب الخنث يدل على لين وتكسر وَمِنْه المخنث وَهُوَ الْمُشبه فِي كَلَامه بِالنسَاء تكسراً وتعطفاً. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَالْغَرَض من ذكر هَذَا الْبَاب هُنَا التَّنْبِيه على أَن التَّغْرِيب على المذنب الَّذِي لَا حد عَلَيْهِ ثَابت، وعَلى الَّذِي عَلَيْهِ الْحَد بِالطَّرِيقِ الأولى. قلت: يفهم من هَذَا أَن المرتكب لمعصية من الْمعاصِي يجوز نَفْيه. والترجمة أَيْضا تدل عَلَيْهِ، وَقَالَ بعض الْعلمَاء: لَا ينفى إلاَّ ثَلَاثَة: بكر زَان، ومخنث، ومحارب، والمخنث إِذا كَانَ يُؤْتى رجم مَعَ الْفَاعِل أحصنا أَو لم يحصنا عِنْد مَالك، وَقَالَ الشَّافِعِي: إِن كَانَ غير مُحصن فَعَلَيهِ الْحَد، وَكَذَا عِنْد مَالك إِذا كَانَا كَافِرين أَو عَبْدَيْنِ، وَقيل: يرقى بالمرجوم على رَأس جبل ثمَّ يتبع بِالْحِجَارَةِ، وَهُوَ نوع من الرَّجْم وَفعله جَائِز، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا حد فِيهِ وَإِنَّمَا فِيهِ التَّعْزِير، وَعند بعض أَصْحَابنَا: إِذا تكَرر يقتل. وَحَدِيث: ارجموا الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ، مُتَكَلم فِيهِ، وَقَالَ بعض أهل الظَّاهِر: لَا شَيْء على من فعل هَذَا الصَّنِيع، وَقَالَ الْخطابِيّ: هَذَا أبعد الْأَقْوَال من الصَّوَاب.

28 - (حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا هِشَام حَدثنَا يحيى عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ لعن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المخنثين من الرِّجَال والمترجلات من النِّسَاء وَقَالَ أخرجوهم من بُيُوتكُمْ وَأخرج فلَانا وَأخرج فلَانا) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث وَهِشَام هُوَ الدستوَائي وَيحيى هُوَ ابْن أبي كثير والْحَدِيث مضى فِي اللبَاس وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم بِهِ وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ أَيْضا قَوْله والمترجلات أَي النِّسَاء الشبيهات بِالرِّجَالِ المتكلفات فِي الرجولة وَهُوَ بِالْحَقِيقَةِ ضد المخنثين لأَنهم المتشبهون بِالنسَاء قَوْله " وَأخرج فلَانا " قَالَ الْكرْمَانِي هما ماتع بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق وبالعين الْمُهْملَة وهيت بِكَسْر الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق قَوْله " وَأخرج فلَانا " فِي رِوَايَة أبي ذَر وَأخرج عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فلَانا قلت فعلى هَذَا فَاعل أخرج الأول هُوَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفاعل أخرج الثَّانِي هُوَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وعَلى رِوَايَة غير أبي ذَر الْفَاعِل فِي كليهمَا هُوَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة أبي دَاوُد الحَدِيث عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم شيخ البُخَارِيّ الْمَذْكُور وَفِيه فَقَالَ أخرجوهم من بُيُوتكُمْ وأخرجوا فلَانا وَفُلَانًا من المخنثين وَأَرَادَ بقوله فلَانا وَفُلَانًا هما اللَّذين سماهما الْكرْمَانِي وَأما اسْم فلَان الَّذِي أخرجه عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَقيل أَنه أَبُو ذُؤَيْب وَقيل جعدة السّلمِيّ وَعَن مسلمة بن محَارب عَن إِسْمَاعِيل بن مُسلم أَن أُميَّة بن يزِيد الْأَسدي وَمولى مزينة كَانَا يحكران الطَّعَام بِالْمَدِينَةِ فأخرجهما عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ

الصفحة 14