كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 24)
وَالْبَيْهَقِيّ، وَقَالَ ابْن وهب: حَدثنِي جرير بن حَازِم أَن الْمُغيرَة بن حَكِيم الصَّنْعَانِيّ حَدثهُ عَن أَبِيه: أَن امْرَأَة بِصَنْعَاء غَابَ عَنْهَا زَوجهَا وَترك فِي حجرها ابْنا لَهُ من غَيرهَا، غُلَاما يُقَال لَهُ: أصيل، فاتخذت الْمَرْأَة بعد زَوجهَا خَلِيلًا، فَقَالَت لَهُ: إِن هَذَا الْغُلَام يفضحنا، فاقتله فَأبى فامتنعت مِنْهُ، فطاوعها فَاجْتمع على قتل الْغُلَام الرجل وَرجل آخر وَالْمَرْأَة وخادمها، فَقَتَلُوهُ ثمَّ قطعُوا أعضاءه وجعلوه فِي عَيْبَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَالْبَاء الْمُوَحدَة الْمَفْتُوحَة، وَهِي وعَاء من أَدَم فطرحوه فِي ركية بِفَتْح الرَّاء وَكسر الْكَاف وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَهِي الْبِئْر الَّتِي لم تطوَ فِي نَاحيَة الْقرْيَة لَيْسَ فِيهَا مَاء ... فَذكر الْقِصَّة. وَفِيه: فَأخذ خليلها فاعترف، ثمَّ اعْترف الْبَاقُونَ فَكتب يعلى وَهُوَ يومئذٍ أَمِير بشأنهم إِلَى عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَكتب إِلَيْهِ عمر بِقَتْلِهِم. قَوْله: إِن أَرْبَعَة هم: خَلِيل الْمَرْأَة وَرجل آخر وَالْمَرْأَة وخادمها. قَوْله: صَبيا هُوَ الَّذِي ذكرنَا اسْمه الْآن، قَوْله: مثله أَي: مثل قَوْله: لَو اشْترك فِيهَا أهل صنعاء لقتلتهم.
وأقادَ أبُو بَكْرٍ وابنُ الزُّبَيْرِ وعَلِيٌّ وسُوَيْدُ بنُ مُقَرِّنٍ مِنْ لَطْمَةٍ.
أَي: أَمر بالقود أَبُو بكر الصّديق وَعبد الله بن الزبير وَعلي بن أبي طَالب وسُويد بِضَم السِّين الْمُهْملَة ابْن مقرن بِالْقَافِ وَكسر الرَّاء الْمُشَدّدَة وبالنون الْمُزنِيّ من لطمة أَي: من أجل لطمة. وَهِي الضَّرْب على الخد بالكف.
فأثر أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة: عَن شَيبَان عَن شَبابَة عَن يحيى عَن شيبَة بن الْحَضْرَمِيّ قَالَ: سَمِعت طَارق بن شهَاب يَقُول: لطم أَبُو بكر يَوْمًا رجلا لطمة، فَقيل: مَا رَأينَا كَالْيَوْمِ قطّ مَنعه ولطمه؟ فَقَالَ أَبُو بكر: إِن هَذَا أَتَانِي يستحملني فَحَملته فَإِذا هُوَ يمنعهُم، فَحَلَفت لَا أحملهُ ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ قَالَ لَهُ: اقْتصّ، فَعَفَا الرجل. وَأثر ابْن الزبير رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة أَيْضا عَن ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو عَنهُ: أَنه أقاد من لطمة. وَأثر عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة أَيْضا عَن أبي عبد الرحمان المَسْعُودِيّ عبد الله بن عبد الْملك عَن نَاجِية أبي الْحسن عَن أَبِيه: أَن عليّاً، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ فِي رجل لطم رجلا، فَقَالَ للملطوم: اقْتصّ. وَأثر سُوَيْد بن مقرن رَوَاهُ وَكِيع عَن سُفْيَان بن سعيد عَن مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم عَن الشّعبِيّ عَنهُ.
وأقادَ عُمَرُ منْ ضَرْبَةٍ بالدِّرَّةِ.
أَي: أقاد عمر بن الْخطاب من أجل ضَرْبَة بالدِّرة بِكَسْر الدَّال وَتَشْديد الرَّاء وَهِي الْآلَة الَّتِي يضْرب بهَا. وَأخرجه أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي تَارِيخه بِسَنَد فِيهِ ضعف وَانْقِطَاع.
وأقادَ عَلِيٌّ مِنْ ثَلاثَةِ أسْواطٍ.
أَي: أقاد عَليّ بن أبي طَالب من أجل زِيَادَة الجالد على المجلود ثَلَاثَة أسواط. وَأخرجه أَبُو بكر ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا أَبُو خَالِد عَن أَشْعَث عَن فُضَيْل عَن عبد الله بن معقل قَالَ: كنت عِنْد عَليّ فَجَاءَهُ رجل فساره فَقَالَ عَليّ: يَا قنبر أخرج هَذَا واجلده، ثمَّ جَاءَهُ المجلود فَقَالَ: إِنَّه زَاد عليّ ثَلَاثَة أسواط، فَقَالَ لَهُ عَليّ: مَا تَقول؟ قَالَ: صدق يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. قَالَ: خُذ السَّوْط واجلده ثَلَاث جلدات، ثمَّ قَالَ: يَا قنبر إِذا جلدت فَلَا تتعد الْحُدُود.
واقْتَصَّ شُرَيْحٌ مِنْ سَوْطٍ وخُمُوش.
أَي: اقْتصّ شُرَيْح بن الْحَارِث القَاضِي من أجل سَوط وخموش بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَهُوَ الخدوش وزنا وَمعنى: وَأخرج هَذَا الْأَثر سعيد بن مَنْصُور من طَرِيق إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى شُرَيْح فَقَالَ: أقدني من جلوازك فَسَأَلَهُ فَقَالَ: ازدحموا عَلَيْك فضربته سَوْطًا، فأقاده مِنْهُ. وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن شُرَيْح أَنه أقاد من لطمة وخموش. قلت: الجلواز، بِكَسْر الْجِيم وَسُكُون اللَّام وَآخره، زَاي هُوَ الشرطي، سمي بذلك لِأَن من شَأْنه حمل الجلواز بِكَسْر الْجِيم وَهُوَ السّير الَّذِي يشد فِي الْوسط، وَعَادَة الشرطي أَن يربطه فِي وَسطه، وَقَالَ اللَّيْث وَابْن الْقَاسِم: يُقَاد من الضَّرْب بِالسَّوْطِ وَغَيره إلاَّ اللَّطْمَة فِي الْعين فَفِيهَا الْعقُوبَة خشيَة على الْعين، وَالْمَشْهُور عَن مَالك، وَهُوَ قَول الْأَكْثَرين: لَا قَود فِي اللَّطْمَة إلاّ
الصفحة 56
288