كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 24)
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَصلى عَلَيْهِ الْحسن بن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. وَحَدِيثه قد مضى مطولا مَوْصُولا فِي كتاب الشَّهَادَات ثمَّ فِي كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور. وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
وَقَالَ ابنُ أبي مُلَيْكَةَ: لَمْ يُقِدْ بِها مُعاوَيَةُ.
أَي: قَالَ عبد الله بن أبي مليكَة بِضَم الْمِيم واسْمه زُهَيْر وَهُوَ جد عبد الله وَأَبوهُ عبد الرحمان نسب إِلَى جده وَكَانَ قَاضِي ابْن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. قَوْله: لم يقد بِضَم الْيَاء من أقاد أَي: لم يقْتَصّ مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، يَعْنِي: لم يحكم بالقود فِي الْقسَامَة، وَوَصله حَمَّاد بن سَلمَة فِي مُصَنفه عَن ابْن أبي مليكَة: سَأَلَني عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن الْقسَامَة فَأَخْبَرته أَن عبد الله بن الزبير أقاد بهَا، وَأَن مُعَاوِيَة يَعْنِي ابْن أبي سُفْيَان لم يقد بهَا. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: روينَا عَن مُعَاوِيَة خِلَافه، وَقَالَ ابْن بطال: وَقد صَحَّ عَن مُعَاوِيَة أَنه أقاد بهَا.
وكَتَبَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ إِلَى عَديِّ بن أرْطاةُ وَكَانَ أمَّرَهُ عَلى البَصْرَةِ فِي قَتِيلٍ وُجِدَ عنْدَ بَيْتٍ منْ بُيُوتِ السَّمَّانينَ: إنْ وَجَدَ أصْحابُهُ بَيِّنةً وإلاَّ فَلا تَظْلِمِ النَّاسَ، فإنَّ هاذا لَا يُقْضاى فِيهِ إِلَى يَوْمِ القِيامَةِ.
عدي بن أَرْطَاة غير منصرف الْفَزارِيّ من أهل دمشق. قَوْله: وَكَانَ أمره أَي: جعله أَمِيرا على الْبَصْرَة فِي سنة تسع وَتِسْعين وَقَتله مُعَاوِيَة بن يزِيد بن الْمُهلب فِي آخر سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَة. قَوْله: فِي قَتِيل أَي: فِي أَمر قَتِيل. قَوْله: السمانين جمع سمان وهم الَّذين يبيعون السّمن. قَوْله: إِن وجد الخ بَيَان كتاب عمر بن عبد الْعَزِيز، وَهُوَ إِن وجد أَصْحَاب الْقَتِيل بَيِّنَة فاحكم بهَا. قَوْله: وإلاَّ أَي: وَإِن لم يجد أَصْحَاب الْقَتِيل بَيِّنَة فَلَا تظلم النَّاس أَي: لَا تحكم بِشَيْء فِيهِ، فَإِن هَذِه الْقَضِيَّة من القضايا الَّتِي لَا يحكم فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لِأَن فِيهَا الشَّهَادَة على الْغَائِب، وَشَهَادَة من لَا يصلح لَهَا. وروى ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا عبد الْأَعْلَى عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: دَعَاني عمر بن عبد الْعَزِيز فَسَأَلَنِي عَن الْقسَامَة، وَقَالَ: بدا لي أَن أردهَا. أَن الْأَعرَابِي يشْهد وَالرجل الْغَائِب يَجِيء فَيشْهد. قلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّك لن تَسْتَطِيع ردهَا، قضى بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْخُلَفَاء بعده، وَحدثنَا ابْن نمير حَدثنَا سعيد عَن قَتَادَة أَن سُلَيْمَان بن يسَار حدث أَن عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: مَا رَأَيْت مثل الْقسَامَة قطّ أقيد بهَا، وَالله تَعَالَى يَقُول: {واشهدوا ذوى عدل مِنْكُم} وَقَالَت الأسباط: {وَمَا شَهِدنَا إِلَّا بِمَا علمنَا} قَالَ سُلَيْمَان: فَقلت: الْقسَامَة حق قضى بهَا رَسُول الله
6898 - حدّثنا أبُو نُعَيْمٍ، حدّثنا سَعِيدُ بنُ عُبَيْدٍ، عنْ بُشَيْرِ بنِ يَسارٍ زَعَمَ أنَّ رَجُلاً منَ الأنْصارِ يُقالُ لهُ: سَهْلُ بنُ أبي حَثْمَة أخْبَرَهُ أنَّ نَفَراً مِنْ قَوْمِهِ انْطَلَقُوا إِلَى خَيْبَرَ فَتَفَرَّقُوا فِيها، ووَجَدُوا أحَدَهُمْ قَتِيلاً، وقالُوا لِلّذي وُجدَ فِيهِمْ: قَتَلْتُمْ صاحِبَنا قالُوا: مَا قتَلْنا وَلَا عَلِمْنا قاتِلاً فانْطَلَقُوا إِلَى النَّبيِّ فَقالُوا: يَا رسولَ الله انْطَلَقْنا إِلَى خَيْبَرَ فَوَجَدْنا أحَدنا قَتيلاً. فَقَالَ: الكُبْرَ الكُبْرَ فَقَالَ لَهُمْ: تَأْتُونَ بِالبَيِّنَةِ عَلى مَنْ قَتَلَهُ؟ قَالُوا: مَا لَنا بَيِّنَةٌ. قَالَ: فَيَحْلِفُونَ قالُوا: لَا نَرْضاى بأيْمانِ اليَهُود، فَكَرِهَ رسولُ الله أنْ يُبْطِلَ دَمَهُ فَوَدَاهُ مِائَةً مِنْ إبِلِ الصَّدَقَة.
أَي: ذكر البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث مطابقاً لما قبله فِي عدم الْقود فِي الْقسَامَة، وَأَن الحكم فِيهَا مَقْصُور على الْبَيِّنَة وَالْيَمِين كَمَا فِي حَدِيث الْأَشْعَث.
وَأخرجه عَن أبي نعيم الْفضل بن دُكَيْن عَن سعيد بن عبيد أبي الْهُذيْل الطَّائِي الْكُوفِي عَن بشير بِضَم
الصفحة 58
288