كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 24)
وَقَالَ الحَكَمُ وحَمَّادٌ: إذَا ساقَ المُكارِي حِماراً عَلَيْهِ امْرأةٌ فَتَخِرُّ لَا شَيْءَ عَلَيهِ.
الحكم بِفتْحَتَيْنِ هُوَ ابْن عتيبة مصغر عتبَة الدَّار، وَحَمَّاد هُوَ ابْن أبي سُلَيْمَان. قَوْله: فتخر، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَي: فَتسقط لَا شَيْء عَلَيْهِ أَي: على المكاري أَي: لَا ضَمَان.
وَقَالَ الشَّعْبيُّ: إذَا ساقَ دابّةً فأتْعَبَها فَهُوَ ضامِنٌ لِما أصابَتْ، وإنْ كانَ خَلْفَها مُترَسلاً لَمْ يَضْمَنْ.
الشّعبِيّ هُوَ عَامر بن شرَاحِيل الْكُوفِي ونسبته إِلَى شعب من هَمدَان أدْرك غير وَاحِد من الصَّحَابَة وَمَات أول سنة سِتّ وَمِائَة، وَهُوَ ابْن سبع وَسبعين سنة. قَوْله: فأتعبها من الإتعاب ويروى: فاتبعها، من الإتباع. قَوْله: خلفهَا أَي: وَرَاءَهَا، ويروى: خلفهَا، بتَشْديد اللَّام بماضي التفعيل. قَوْله: مترسلاً نصب على أَنه خبر: كَانَ، أَي: متسهلاً فِي السّير مَوْقُوفا بهَا لَا يَسُوقهَا وَلَا يبعثها، لم يضمن شَيْئا مِمَّا أَصَابَته، وَوَصله ابْن أبي شيبَة من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن سَالم عَن عَامر الشّعبِيّ، فَذكره.
6913 - حدّثنا مُسْلِمٌ، حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ مُحَمَّدِ بنِ زِياد عنْ أبي هُرَيْرَةَ، رَضِي الله عَنهُ، عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: العَجْماءُ عَقْلُها جُبارٌ، والبِئْرُ جُبارٌ، والمعْدِنُ جُبارٌ، وَفِي الرِّكازِ الخُمُسُ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَمُسلم هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم الْأَزْدِيّ القصاب الْبَصْرِيّ، وَمُحَمّد بن زِيَاد من الزِّيَادَة بتَخْفِيف الْيَاء الجُمَحِي بِضَم الْجِيم الْبَصْرِيّ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْحُدُود عَن عبيد الله بن معَاذ عَن أَبِيه وَعَن ابْن بشار عَن شُعْبَة.
قَوْله: عقلهَا أَي: دِيَتهَا قيل جرحها هدر لَا دِيَتهَا، وَأجِيب: بِأَنَّهُمَا متلازمان إِذْ مَعْنَاهُ: لَا دِيَة لَهَا.
30 - (بابُ إثْمِ مَنْ قَتَلَ ذِمِّيّاً بِغَيْرِ جُرْمٍ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان إِثْم من قتل ذِمِّيا بِغَيْر مُوجب شَرْعِي لقَتله.
6914 - حدّثنا قَيْسُ بنُ حَفْصٍ، حَدثنَا عبْدُ الواحِدِ، حَدثنَا الحَسَنُ، حَدثنَا مُجاهِدٌ، عنْ عَبْدِ الله بنِ عَمْرٍ وعنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَنْ قَتلَ نَفْساً مُعاهَداً لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ وإنَّ رِيحَها يُوجَدُ مِنْ مَسيرَةِ أرْبَعِينَ عَاما.
انْظُر الحَدِيث 3166
مطابقته للتَّرْجَمَة غير ظَاهِرَة لِأَن التَّرْجَمَة بالذمي وَهُوَ كتابي عقد مَعَه عقد الْجِزْيَة. وَأجَاب الْكرْمَانِي بِأَن الْمعَاهد أَيْضا ذمِّي بِاعْتِبَار أَن لَهُ ذمَّة الْمُسلمين وَفِي عَهدهم، وَالذِّمِّيّ أَعم من ذَلِك.
وَقيس بن حَفْص أَبُو مُحَمَّد الدَّارمِيّ الْبَصْرِيّ وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ مَاتَ سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، وَعبد الْوَاحِد هُوَ ابْن زِيَاد، وَالْحسن هُوَ ابْن عَمْرو الْفُقيْمِي بِضَم الْفَاء وَفتح الْقَاف.
والْحَدِيث مضى فِي الْجِزْيَة عَن قيس أَيْضا. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الدِّيات عَن أبي كريب.
قَوْله: معاهداً ويروى: معاهدة، وَهُوَ الظَّاهِر لِأَن التَّأْنِيث بِاعْتِبَار النَّفس، وَالْأول بِاعْتِبَار الشَّخْص، وَيجوز فتح الْهَاء وَكسرهَا وَالْمرَاد بِهِ: من لَهُ عهد بِالْمُسْلِمين سَوَاء كَانَ بِعقد جِزْيَة أَو هدنة من سُلْطَان أَو أَمَان من مُسلم. قَوْله: لم يرح بِفَتْح الرَّاء وَكسرهَا أَي: لم يجد رَائِحَة الْجنَّة وَلم يشمها، وَزعم أَبُو عبيد أَنه يُقَال: يرح ويرح أَي: بِالضَّمِّ من أرحت، وَعند الْهَرَوِيّ يرْوى بِثَلَاثَة أوجه: يرح يرح يرح، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: رَاح الشَّيْء يراحه ويريحه، أَي: وجد رِيحه، وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْمُؤمن لَا يخلد فِي النَّار. وَأجَاب بِأَنَّهُ لم يجد أول مَا يجدهَا سَائِر الْمُسلمين الَّذين لم يقترفوا الْكَبَائِر، وَهُوَ وَعِيد تَغْلِيظًا، وَيُقَال: لَيْسَ على الحتم والإلزام، وَإِنَّمَا هَذَا لمن أَرَادَ الله عز وَجل إِنْفَاذ الْوَعيد فِيهِ. قَوْله: يُوجد على صِيغَة الْمَجْهُول، ويروى: ليوجد، بِاللَّامِ الْمَفْتُوحَة، وَالْأول رِوَايَة الْكشميهني قَوْله: أَرْبَعِينَ عَاما كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْجَمِيع وَوَقع فِي رِوَايَة عَمْرو بن عبد الْغفار عَن الْحسن بن عَمْرو سبعين عَاما هَذَا فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ وَمثله فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد التِّرْمِذِيّ من طَرِيق مُحَمَّد بن عجلَان عَن أَبِيه عَنهُ، وَلَفظه: وَإِن رِيحهَا ليوجد من مسيرَة سبعين خَرِيفًا وَفِي الْأَوْسَط للطبراني: من طَرِيق مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: من مسيرَة مائَة عَام،
الصفحة 72
288