كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 24)

الدُّخْشُنِ؟ فَقَالَ رجُل مِنَّا: ذَاكَ مُنافِقٌ لَا يحِبُّ الله ورسولَهُ، فقالَ النَّبيُّ لَا تَقُولُوهُ، يَقُولُ: لَا إلاهَ إلاّ الله يَبْتَغِي بِذالِكَ وَجْهَ الله تَعَالَى؟ قَالَ: بلَى قَالَ: فإنَّهُ لَا يُوافِيَ عَبْدٌ يَوْمَ القِيامَةِ بِه إلاّ حَرَّمَ الله عَلَيْهِ النَّارَ
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه لم يُؤَاخذ الْقَائِلين فِي حق مَالك بن الدخشن بِمَا قَالُوا، بل بيّن لَهُم أَن إِجْرَاء أَحْكَام الْإِسْلَام على الظَّاهِر دون الْبَاطِن.
وَأخرجه عَن عَبْدَانِ وَهُوَ لقب عبد الله بن عُثْمَان الْمروزِي يروي عَن عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي ... الخ، والْحَدِيث مضى فِي الصَّلَاة فِي: بَاب الْمَسَاجِد فِي الْبيُوت، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: الدخشن بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَضم الشين الْمُعْجَمَة ثمَّ نون، وَجَاء الدخشم أَيْضا بِالْمِيم مَوضِع النُّون، وَقد يصغر. قَوْله: ذَاك مُنَافِق ويروى: ذَلِك مُنَافِق. قَوْله: لَا تقولوه بِصِيغَة النَّهْي كَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أَلا تقولوه، وَقَالَ ابْن التِّين: جَاءَت الرِّوَايَة كَذَا وَالصَّوَاب: تقولونه، أَي: تظنونه. قلت: حذف النُّون من الْجمع بِلَا ناصب وَلَا جازم لُغَة فصيحة وَيحْتَمل أَن يكون خطابا للْوَاحِد، وَحدثت الْوَاو من إشباع الضمة، وَقَالَ بَعضهم: وَتَفْسِير القَوْل بِالظَّنِّ فِيهِ نظر وَالَّذِي يظْهر أَنه بِمَعْنى الرُّؤْيَة أَو السماع. انْتهى. قلت: القَوْل بِمَعْنى الظَّن كثير، أنْشد سِيبَوَيْهٍ:
(أما الرحيل فدون بعد غَد ... فَمَتَى تَقول الدَّار تجمعنا)

يَعْنِي: مَتى تظن الدَّار تجمعنا؟ وَالْبَيْت لعمر بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي. وَنقل صَاحب التَّوْضِيح عَن ابْن بطال: أَن القَوْل بِمَعْنى الظَّن كثير بِشَرْط كَونه فِي الْمُخَاطب، وَكَونه مُسْتَقْبلا، ثمَّ أنْشد الْبَيْت الْمَذْكُور مُضَافا إِلَى سِيبَوَيْهٍ. قَوْله: لَا يوافي ويروى: لن يوافي، أَي: لَا يَأْتِي أحد بِهَذَا القَوْل إلاَّ حرم الله عَلَيْهِ النَّار

21 - (حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن حُصَيْن عَن فلَان قَالَ تنَازع أَبُو عبد الرَّحْمَن وحبان بن عَطِيَّة فَقَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن لحبان لقد علمت مَا الَّذِي جرأ صَاحبك على الدِّمَاء يَعْنِي عليا قَالَ مَا هُوَ لَا أَبَا لَك قَالَ شَيْء سمعته يَقُوله قَالَ مَا هُوَ قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالزُّبَيْر وَأَبا مرْثَد وكلنَا فَارس قَالَ انْطَلقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَة حَاج قَالَ أَبُو سَلمَة هَكَذَا قَالَ أَبُو عوَانَة حَاج فَإِن فِيهَا امْرَأَة مَعهَا صحيفَة من حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَى الْمُشْركين فاتوني بهَا فَانْطَلَقْنَا على أفراسنا حَتَّى أدركناها حَيْثُ قَالَ لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تسير على بعير لَهَا وَكَانَ كتب إِلَى أهل مَكَّة بمسير رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَيْهِم فَقُلْنَا أَيْن الْكتاب الَّذِي مَعَك قَالَت مَا معي كتاب فأنخنا بهَا بَعِيرهَا فابتغينا فِي رَحلهَا فَمَا وجدنَا شَيْئا فَقَالَ صَاحِبَايَ مَا نرى مَعهَا كتابا قَالَ فَقلت لقد علمنَا مَا كذب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ حلف عَليّ وَالَّذِي يحلف بِهِ لتخْرجن الْكتاب أَو لأجردنك فأهوت إِلَى حجزَتهَا وَهِي محتجزة بكساء فأخرجت الصَّحِيفَة فَأتوا بهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ عمر يَا رَسُول الله قد خَان الله رَسُوله وَالْمُؤمنِينَ دَعْنِي فَأَضْرب عُنُقه فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَا حَاطِب مَا حملك على مَا صنعت قَالَ يَا رَسُول الله مَا لي أَن لَا أكون مُؤمنا بِاللَّه وَرَسُوله وَلَكِنِّي أردْت أَن يكون لي عِنْد الْقَوْم يَد يدْفع بهَا عَن أَهلِي وَمَا لي وَلَيْسَ من أَصْحَابك أحد إِلَّا لَهُ هُنَالك من قومه من يدْفع الله

الصفحة 92