كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 24)

يقاتلون الروم فى كل يوم إلى الظهر، ثم ترجع كل طائفة إلى معسكرها وتضع الحرب أوزارها. فلما أصبح عبد الله بن الزبير، صلى الصبح وزحف مع المسلمين وقاتل. فلقى الروم فى يومهم أشد نكال. ولم ير ابن الزبير عبد الله بن سعد فى الحرب فسأل عنه. فقالوا: «هو فى خبائه وله أيام ما خرج منه» . ولم يكن ابن الزبير اجتمع به، فمضى إليه، وسلم عليه، وبلغه وصية عثمان وسأله عن سبب تأخره. فقال: «إن ملك الروم أمر مناديا فنادى باللغة الرومية والعربية «1» : معاشر الروم والمسلمين: من قتل عبد الله بن سعد زوّجته ابنتى، ووهبت له مائة ألف دينار» وكانت ابنته بارعة الجمال، تركب معه فى الحرب، وعليها أفخر ثياب، وتحمل على رأسها مظلة من ريش الطاووس «وغير خاف عنك من معى، وأكثرهم حديثو عهد «2» بالإسلام، ولا آمن أن يرغّبهم ما بذل لهم جرجير فيقتلونى، فهذا سبب تأخرى» . فقال له ابن الزبير: «أزل هذا من نفسك، وأمر من ينادى فى عسكرك ويسمع الروم: معاشر المسلمين والروم:
من قتل الملك فله ابنته ومائة ألف دينار «3» ، وواحدة بواحدة» .
ففعل ذلك. فلما سمع ملك الروم النداء، انتقل ما كان عبد الله يجده من الخوف إليه. وبقى القتال على ما كان عليه.
فعنّ لعبد الله بن الزبير رأى. فأتى عبد الله بن سعد ليلا وقال له:
«إنى فكّرت فيما نحن فيه فرأيت أمرا يطول والقوم فى بلادهم والزيادة

الصفحة 13