كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 24)

فيهم والنقصان فينا. وقد اتصل بى أنه نفّذ إلى جميع نواحيه بالحشد والجمع. وقد رأيت أصحابه إذا سمعوا الأذان أغمدوا سيوفهم ورجعوا إلى مضاربهم، وكذلك المسلمون، جريا على العادة. والرأى عندى أن تترك غدا إن شاء الله أبطال المسلمين فى خيامهم بخيلهم وعددهم، وتقاتل ببقايا الناس على العادة، وتطوّل فى القتال حتى تتعب القوم.
فإذا انصرفوا ورجع كلّ «1» إلى مضربه وأزال لأمة «2» حربه، يركب المسلمون ويحملون عليهم والقوم على غرة. فعسى الله سبحانه أن يظفرنا بهم وينصرنا عليهم، وما النصر إلا من عند الله» . فلما سمع عبد الله بن سعد ذلك، أحضر عبد الله بن عباس وإخوته والصحابة ورؤوس القبائل، وعرض عليهم ما أشار به ابن الزبير فاستصوبوا رأيه واستخاروا الله. وكتموا أمرهم وباتوا على تعبئة.
ولجئوا إلى الله تعالى وسمحوا بنفوسهم «3» فى إعزاز دين الله وإظهار كلمته.
وأصبح أبطال الإسلام فى خيامهم «4» ، وخيولهم قائمة معهم فى الخيام. وخرج لفيف الناس إلى القتال، ومعهم عبد الله بن سعد وابن الزبير، فقاتلوا أشد قتال «5» وكان يوما حارا فلقى الفريقان فيه التعب العظيم. وركب ملك الروم ومعه الصليب، وكان متوجا عندهم، عظيم القدر فيهم. وحرض أصحابه على القتال. فاشتد

الصفحة 14