كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 24)

منيفا «1» فى البحر، وهو متصل بالبر. فنزله فسمّى الجبل جبل طارق. ولما ملك عبد المؤمن البلاد أمر ببناء مدينة على هذا الجبل وسماه جبل الفتح، فلم يثبت له هذا الاسم، وجرت الألسن على الاسم الأول. وكان حلول طارق به فى شهر رجب سنة اثنتين وتسعين «2» .
قال: ولما ركب طارق البحر غلبته عينه، فرأى النبى صلى الله عليه وسلم ومعه المهاجرون والأنصار وقد تقلدوا السيوف وتنكّبوا القسى. فقال النبى صلى الله عليه وسلم له: «يا طارق تقدم لشأنك» . وأمره بالرفق بالمسلمين والوفاء بالعهد. ونظر طارق فرأى النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد دخلوا الأندلس أمامه. فاستيقظ من نومه، وبشر أصحابه، وقويت نفسه، وأيقن بالظفر.
فلما تكامل أصحاب طارق بالجبل نزل إلى الصحراء، وفتح الجزيرة الخضراء فأصاب بها عجوزا. فقالت له: «إنّى كان لى زوج، وكان عالما بالحوادث، وكان يحدثهم عن أمير يدخل بلدهم ويغلب عليه، ووصف من صفته أنه ضخم الهامة وأن فى كتفه الأيسر شامة عليها شعر» . فكشف طارق ثوبه فإذا الشامة كما ذكرت فاستبشر.
قال: ولما فتح الجزيرة الخضراء وفارق الحصن الذى فى

الصفحة 46