كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 24)

ففتحوها لهم ليلا. فدخلها المسلمون وملكوها. ثم سار موسى إلى إشبيلية، وهى من أعظم مدائن الأندلس بنيانا وأغربها آثارا «1» فحصرها «2» أشهرا وفتحها، وهرب من بها. فأنزلها موسى اليهود.
وسار إلى مدينة ماردة فحصرها، وقد كان أهلها خرجوا إليه فقاتلوه «3» قتالا شديدا. فكمن لهم موسى ليلا فى مقاطع الصخر، فلم يرهم الكفار. فلما أصبحوا زحف إليهم. فخرجوا إلى المسلمين على عادتهم.
فخرج عليهم الكمين، وأحدقوا بهم، وحالوا بينهم وبين البلد، وقتلوهم قتلا ذريعا. ونجا من سلم منهم فدخل المدينة، وكانت حصينة. فحصرهم بها أشهرا. وزحف إليهم بدبابة عملها ونقبوا سورها. فخرج أهلها على المسلمين فقتلوهم عند البرج فسمّى برج الشهداء.
ثم افتتحها آخر شهر رمضان سنة أربع وتسعين صلحا «4» ، على أن جميع أموال القتلى يوم الكمين وأموال الهاربين إلى جليقية وأموال الكنائس وحليها للمسلمين «5» .
ثم إن أهل إشبيلية اجتمعوا وقصدوها، فقتلوا من بها من المسلمين. فسير موسى إليها ابنه عبد العزيز بجيش فحصرها وقتل من بها من أهلها.

الصفحة 50