تحبيرًا وتشوقته تشويقًا (¬1). فهذا وجهه، لا الألحان المطربة الملهية.
روى سفيان، عن ابن جريج، عن ابن طاوس، عن أبيه أنه - عليه السلام - سئل: أي الناس أحسن صوتا بالقرآن؟ قال: "الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله" (¬2).
وعن ابن أبي مليكة، عن عبد الرحمن بن السائب قال: قدم علينا سعد بعد ما كف بصره، فأتيته مُسَلِّمًا، فانتسبني، فانتسبت له، فقال: مرحئا بابن أخي، بلغني أنك تحسن الصوت بالطرب، وسمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن هذا القرآن نزل بحزن فإذا قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكلوا" (¬3). وذكر أبو عبيد بإسناده قال: كنا على سطح ومعنا رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أعلمه إلا عبسًا الغفاري (¬4) - فرأى الناس يخرجون في الطاعون يفرون، فقال: يا طاعون خذني إليك. فقيل: أتتمنى الموت وقد نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: إني أبادر خصالًا سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخوفهن على أمته: بيع الحكم والاستخفاف بالدم وقطيعة الرحم وقوم يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليس بأفضلهم ولا أفقههم إلا ليغنيهم به غناء (¬5).
وروى الآجري من حديث عبد الله بين جعفر، عن إبراهيم، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعًا: "أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعته
¬__________
(¬1) رواه أبو نعيم في "الحلية" 8/ 32 بلفظ: لو علمت لحبرته تحبيرًا ولشوقتكم تشويقًا.
(¬2) "فضائل القرآن" ص 164 - 165.
(¬3) رواه ابن ماجه (1337)، وضعفه الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (281).
(¬4) ورد بهامش الأصل: عبس الغفاري، والأكثر عابس كما مر، روى عنه أبو أمامة الباهلي وغيره، أخرج له أحمد في "المسند".
(¬5) "فضائل القرآن" ص 166.