فتعين أن تقدم رواية القرآن الصحيحة ومعناها على ظاهره. وما عداها محمول عليها، ويكون قوله: "بالقرآن" في موضع الحال، أي: زينوا أصواتكم في حال القراءة، وقد جاء ذلك مصرحًا به في "مسند الدارمي" و"مستدرك الحاكم" من حديث علقمة بن مرثد عن زاذان عن البراء رفعه: "زينوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنًا" (¬1). وهذا لا يحتمل التأويل ولا القلب، وليس المراد هنا بالقرآن الكلام القديم، وإنما المراد ما سمعه من الحروف والأصوات (¬2). وعند عباد بن يعقوب في "فضائل القرآن" من حديث جويبر، عن الضحاك، عن ابن مسعود: "جودوا القرآن وزينوه بأحسن الأصوات وأعربوه فإنه عربي، والله يحب أن يعرب". وجويبر واهٍ.
¬__________
(¬1) "مسند الدارمي" 4/ 2194 (3544)، "المستدرك" 1/ 575، وصححه الألباني في "الصحيحة" (771).
(¬2) تكملة: لفظ: "زينوا أصواتكم بالقرآن" الذي رواه الخطابي في "المعالم" 1/ 252 - المتقدم- أورده الألباني في "الضعيفة" (5326). وقال: منكر مقلوب، تفرد بروايته هكذا الخطابي في "معالم السنن" من طريق الدبري، عن عبد الرزاق: أخبرنا معمر .. وساقه. ثم قال: وهو إسناد ضعيف، ومتن منكر مقلوب. اهـ.
قلت: لعله عني بقوله: (تفرد بروايته الخطابي) أي: من حديث البراء، وإلا فقد روي من غير طريق البراء، كما ذكر المصنف.
وقال شيخ الإسلام ابن القيم: وقال - صلى الله عليه وسلم -: "زينوا القرآن بأصواتكم" وغلط من قال: إن هذا من المقلوب، وإن المراد: زينوا أصواتكم بالقرآن، وإن كان حقًا، فالمراد تحسين الصوت بالقرآن. اهـ. "روضة المحبين" ص281، وانظر: "البدر المنير" 9/ 638 - 639.